الخطوة الاستراتيجية في "قرن تركيا".. الانضمام إلى مجموعة بريكس

08:566/09/2024, Cuma
محمد عاكف صويصال

الخطوة الاستراتيجية في "قرن تركيا".. الانضمام إلى مجموعة بريكس هناك العديد من القضايا الهامة التي تستحق تسليط الضوء عليها حاليًا، مثل البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل وقرارات البنك المركزي التركي وما إلى ذلك. لكن الأهم منها هو الخطوة الاستراتيجية الكبرى التي اتخذتها تركيا مؤخرًا، وهي الانضمام إلى مجموعة "بريكس". وتشير التقارير الواردة من وكالات الأنباء والتصريحات الرسمية الروسية إلى أن تركيا قد دخلت بالفعل في مسار الانضمام إلى هذه المجموعة. ويعد تقييم أهمية هذه الخطوة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد

الخطوة الاستراتيجية في "قرن تركيا".. الانضمام إلى مجموعة بريكس

هناك العديد من القضايا الهامة التي تستحق تسليط الضوء عليها حاليًا، مثل البرنامج الاقتصادي متوسط الأجل وقرارات البنك المركزي التركي وما إلى ذلك. لكن الأهم منها هو الخطوة الاستراتيجية الكبرى التي اتخذتها تركيا مؤخرًا، وهي الانضمام إلى مجموعة "بريكس".

وتشير التقارير الواردة من وكالات الأنباء والتصريحات الرسمية الروسية إلى أن تركيا قد دخلت بالفعل في مسار الانضمام إلى هذه المجموعة. ويعد تقييم أهمية هذه الخطوة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد تعقيد المشهد العالمي، أمرا بالغ الصعوبة.

في عام 1999، قدم صموئيل هنتنجتون رؤية لعالم أحادي القطب، حيث تهيمن الولايات المتحدة على الساحة العالمية وتجمع حولها لاعبين أصغر، وكان يقصد بذلك عالماً يتمحور بشكل واضح حول الهيمنة الأمريكية.

لقد ظلت الولايات المتحدة تحافظ على النظام العالمي الذي تصوره هنتنغتون لمدة 25 عاماً. وقد استمرت الولايات المتحدة في الحفاظ على هذا النظام العالمي، الذي تنبأ به هنتنغتون، طوال 25 عامًا. ولكن، خلال هذه الفترة، ظهرت مجموعة البريكس ككيان جديد لم يكن متوقعًا على المدى القريب.


ما هي مجموعة "بريكس" بإيجاز؟

كلمة "بريك" (BRIC) هي اختصار لمجموعة من الدول تتألف من البرازيل، روسيا، الهند، والصين. وقد أصبح هذا المصطلح شائعًا بعد أن صاغه الاقتصادي جيم أونيل في بنك غولدمان، حيث أشار أونيل في مقالته، إلى النمو الاقتصادي الهائل المتوقع لهذه الدول وتأثيره على الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية. ومع انضمام جنوب إفريقيا في عام 2011، تحولت مجموعة "بريك" إلى "بريكس"، حيث أصبح الحرف "S" يمثل العضو الجديد.

تأسست مجموعة بريكس كمنظمة حكومية دولية تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. وفي الأول من يناير 2024، انضمت أربع دول جديدة إلى المجموعة وهي: مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة.


أرقام عن مجموعة "بريكس"

من المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء الخمسة الأصلية في مجموعة بريكس إلى 27.6 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2023، وهو ما يمثل 26.3% من الإجمالي العالمي. ويتوقع أن يرتفع هذا الناتج إلى 30.8 تريليون دولار، ما يمثل 29.3% من الاقتصاد العالمي. كما تمثل هذه الدول أكثر من نصف سكان العالم، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي 4.3 مليار نسمة.

وفيما يتعلق بمصادر الطاقة، فإن مجموعة "بريكس" مسؤولة عن إنتاج 43% من النفط العالمي، بينما تنتج بقية دول العالم 57%.

وتستحوذ دول مجموعة بريكس مجتمعة على حوالي 25% من إجمالي صادرات العالم. وتعتبر الصين وحدها أكبر مُصدِّر في العالم، حيث تمثل صادراتها حوالي 14.5% من إجمالي الصادرات العالمية.

ولفهم حجم هذا التأثير بشكل أفضل، يمكن مقارنة "بريكس" بأكبر المصدرين العالميين: الولايات المتحدة (8.3%)، وألمانيا (6.6%)، وهولندا (3.9%)، واليابان (3.0%).


الخطوة الأهم: بنك التنمية التابع لـ "بريكس"

تأسس بنك التنمية الجديد (NDB) التابع لمجموعة "بريكس" في منتصف عام 2014 بواسطة حكومات البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. ويهدف البنك إلى تمويل الاستثمارات في البنية التحتية والتنمية المستدامة بشكل كبير.

ولكن أدت التوترات المتزايدة وتزايد استخدام الهيمنة الغربية لعملاتها ونظامها المالي كأداة ضغط، إلى توجيه البنك نحو هدف جديد يتعلق بالاحتياطيات العالمية من العملات. وهو ما يتجاوز الهدف المقصود.

وفي إطار عملية التوسع، تم قبول بنغلاديش ومصر والإمارات العربية المتحدة وأوروغواي كأعضاء جدد في البنك في عام 2021. وأخيراً، تم الإعلان عن قبول الجزائر كعضو جديد قبل بضعة أيام.

وتبرز أهمية البنك الجديد للتنمية كمنظمة تقوم على مبدأ المساهمة المالية المتساوية والحقوق المتساوية في اتخاذ القرار بين أعضائه الذين يمثلون الاقتصادات الناشئة والنامية. وعلى عكس البنوك الاستثمارية متعددة الأطراف القديمة مثل البنك الدولي، حيث تتمتع الاقتصادات المتقدمة عادة بأغلبية سلطة اتخاذ القرار، فإن بنك التنمية الجديد لا يمنح أي عضو حق النقض (الفيتو) بشكل منفرد.


الناتو والاتحاد الأوروبي وبريكس

قدمت تركيا طلبًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1959. وعلى الرغم من مرور عقود، لا تزال تركيا تنتظر عند أبواب الغرب، حيث تم وضع عقبات اصطناعية أمام انضمامها. وفي السنوات الأخيرة، ذهب الاتحاد الأوروبي إلى أبعد من ذلك، حيث رفض منح تأشيرات دخول لمُصدِّرينا وفنانينا، في محاولة لمعاقبة تركيا. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، فتركيا لم تعد ذلك البلد الزراعي السلبي الذي يتطلعون إليه.

ستشهد القارة الأوروبية شتاءً قارسًا هذا العام

بدأت المواجهة بين الكتلتين الشرقية والغربية ومن المتوقع أن تتصاعد. فقبل عدة أيام، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن مولدوفا تسير بسرعة نحو المصير ذاته الذي تعاني منه أوكرانيا.

يبدو أن هناك غرباً مُستبعداً من الموارد الطبيعية.

في أعقاب الانقلاب في النيجر بالأمس القريب، وجهت الحكومة الجديدة في النيجر اتهامًا لفرنسا بالنهب لمدة 65 عامًا، مطالبةً بإعادة الثروات التي نهبتها فرنسا نقداً.


ما مصدر التهديد؟

انضمت تركيا إلى الناتو في عام 1956 بسبب التهديد السوفيتي. فماذا عن التهديدات الحالية، من إقامة دولة إرهابية على حدودنا الجنوبية، إلى ديدياغاتش، وصولا إلى التسلح في جزر بحر إيجه؟ ألا يتطلب ذلك تحقيق توازن بين هذه التهديدات؟

وبينما نواجه هذه الصورة المعقدة، يجب ألا ننسى أن مجموعة "بريكس" هي تجمع اقتصادي وسياسي، ولا تتضمن أي التزامات عسكرية. تركيا لا تتبنى مواقف معادية للاتحاد الأوروبي أو الناتو، بل تسعى لتحقيق التوازن بين جميع هذه القوى. لكنها في الوقت نفسه تطالب بحقوقها من الناتو والاتحاد الأوروبي.


#قرن تركيا
#بريكس
#الاتحاد الأوروبي
#الناتو