- استئناف حركة التجارة بين البلدين اعتبارا من 19 ديسمبر - سوريا قبل الثورة كانت مصدرا رئيسا للسلع في الأردن - تجار أردنيون يأملون بعودة التجارة إلى سابق عهدها
سنوات عجاف مرت على أسواق مدينة الرمثا الأردنية التي طالما كانت مركزا تجاريا لمختلف صنوف البضائع السورية، بحكم موقعها الجغرافي الملاصق لمحافظة درعا، وقربها من المعبرين الحدوديين اللذين يربطان المملكة بجارتها الشمالية.
فبعد أن كانت الرمثا (شمال) قبلة لأهالي وتجار الأردن من كل المحافظات، تحولت نتيجة الحرب المستعرة في سوريا إلى منطقة "منكوبة"، لكن تجارها يعيشون هذه الأيام على أمل العودة إلى سابق العهد، وذلك بعد إسقاط نظام بشار الأسد فجر الثامن من ديسمبر/كانون أول الجاري.
يعوّل التجار بالمدينة الأردنية على قرار فتح معبر جابر الحدودي مع سوريا أمام حركة الشحن صباح الأربعاء الماضي، ما سيسهم في تعزيز انسياب البضائع، ونهاية مرحلة جفاف عاشوها طيلة السنوات الماضية.
مراسل الأناضول قام بجولة ميدانية داخل أسواق المدينة الأردنية، وتحديدا بمنطقة "السوق السوري"، والذي كان قبل الحرب مقصدا للتجار من جميع محافظات المملكة.
** سلة غذاء
حسب الخب (54 عاما) وكنيته أبو عبد الله، هو أحد تجار الجملة بالسوق، استهل حديثه للأناضول بقوله: "نحن نعتبر سوريا سلة غذاء للمواطن العربي".
وأضاف: "نأمل عودة الحركة التجارية إلى سابق عهدها، ولكننا نعتقد أن أشقاءنا في سوريا لم يتجهزوا بعد لمرحلة التصدير؛ بسبب تدمير البنية التحتية".
وتابع: "مع فتح حركة الشحن البري بين البلدين، فإننا نتوقع أن يكون حجم الصادرات من المملكة إلى سوريا أكبر من الواردات".
ودعا الخب حكومة بلاده إلى "تسهيل انسياب البضائع، وتخفيض الرسوم الجمركية؛ لنعوض خسائر السنوات الماضية".
والخميس، أعلن وزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة، أن مئات الشاحنات عبرت من وإلى سوريا خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع عودة انسياب البضائع بين البلدين عقب سقوط نظام البعث في 8 ديسمبر الجاري.
جاء ذلك خلال زيارة تفقدية أجراها القضاة إلى معبر جابر الحدودي على الحدود مع سوريا، والمنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة، وفق مراسل الأناضول.
وقال القضاة: "خلال الأيام الثلاثة الماضية، عادت حركة انسياب البضائع من الأردن إلى سوريا ومن سوريا عبر الأراضي الأردنية للدول الأخرى".
وبيّن أنه خلال هذه الأيام "توجهت إلى سوريا 500 شاحنة محملة بالبضائع وأكثر من 150 شاحنة انطلقت من سوريا من خلال الأراضي الأردنية لعدد من الدول".
** توفير الوقت
خالد شنوان (49 عاما) وكنيته أبو عمر، تاجر آخر، وضّح للأناضول أن "معظم بضائعنا الآن هي من مصر والصين، وجزء منها من تركيا".
وقال: "ما يعنينا حاليا هو عامل الوقت، فسوريا قريبة جدا منا ويسهل الوصول إليها والاستيراد منها، كما أن منتجاتها تتسم بالرخص مقارنة بالدول الأخرى".
ومضى: "كل ما نتمناه هو أن تعود حركة الاستيراد من سوريا لجميع القطاعات، ولا أعتقد الآن أن هناك مانع لتحقيق ذلك".
كما أعرب عن تطلعه لـ"أسعار تنافسية تتيح زيادة حجم الاستيراد من جارتنا سوريا".
وأكد على أنهم لا ينظرون كتجار إلى جوانب أخرى، فكل ما يعنيهم بحسب قوله هو "عودة الحركة التجارية".
** شريان لأسواق الرمثا
محمد عبيدات (50 عاما) وكنيته أبو ليث، تاجر ثالث وصف سوريا بأنها "الشريان الرئيسي لأسواق مدينة الرمثا"، معتبرا في حديثه للأناضول أن "الاقتصاد الأردني يعتمد على الدول المجاورة، وإذا توقفت مع أي واحدة منها ينعكس ذلك علينا".
وأردف: "في زمن (المخلوع بشار) الأسد تضررنا كثيرا؛ بسبب ضغوطات اللاجئين من جهة، وانقطاع التجارة من جهة أخرى".
ويعتبر الأردن من أكثر الدول تأثراً بما شهدته جارته الشمالية منذ عام 2011؛ إذ يستضيف على أراضيه نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم يحملون صفة "لاجئ"، فيما دخل الباقون قبل بدء الثورة في بلادهم بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.
وعبر التاجر عبيدات عن أمله في أن "تشهد المرحلة الجديدة تبادلاً تجارياً مع الدول السورية الجديدة، وأن يكون الوضع أفضل مما كان عليه سابقا".
واستدرك: "تحقيق ذلك يعتمد على الدولتين الأردنية والسورية، من خلال عقد اتفاقيات تجارية، وتخفيض الرسوم الجمركية بما يتيح تعزيز انسياب البضائع".
وطالب عبيدات حكومتي البلدين إلى "إعادة تأهيل معبر الرمثا درعا، والذي يقع وسط مدينة الرمثا، وتوقف عن العمل بسبب الحرب".
ويرتبط البلدان بمعبرين رئيسيين، هما "الجمرك القديم" الذي يقابله "الرمثا" من الجانب الأردني وخرج عن الخدمة منذ سنوات بسبب تداعيات الأزمة في سوريا، و"نصيب" الذي يقابله "جابر" الأردني.
وفي 8 ديسمبر الجاري سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق مع انسحاب قوات النظام، وفر بشار الأسد رفقة عائلته إلى روسيا التي منحته "لجوءا إنسانيا"، لينتهي 61 عاما من حكم حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.