- منظمة "عوري تسافون" تأسست في 17 يونيو بمؤتمر دعا لاحتلال جنوب لبنان والاستيطان فيه - نشطاء من المنظمة دخلوا جنوب لبنان ونصبوا خياما وحاولوا إقامة مستوطنة في منطقة مارون الراس - شعار المنظمة شجرة أرز داخل نجمة سداسية وتزعم أن مارون الراس كانت أرضا عبرية تسمى "مي ماروم" - مجلة "972+" العبرية: مجموعات من المستوطنين بدأت تتوسع في المناطق الحدودية مع لبنان وكذلك سوريا - المحلل أنشيل فيفر: لا يجب تجاهل مخطط المنظمة فخطط المستوطنين بالضفة الغربية بدت غريبة قبل 50 عاما
بعد إنكار، اعترف الجيش الإسرائيلي الأربعاء بأن مستوطنين إسرائيليين عبروا إلى جنوب لبنان، ونصبوا خياما بغرض إقامة مستوطنة يهودية.
وكان الجيش نفى قبل أيام قيام ناشطين استيطانيين من منظمة "عوري تسافون" بنصب خيام في لبنان، إلا أنه أكد عبورهم "الخط الأزرق" الفاصل عند بلدة مارون الراس الحدودية.
وبينما زعم الجيش أن عبور المستوطنين "حادث خطير ويجري التحقيق فيه"، قالت المنظمة على موقعها إن قواته كانت بجوارهم أثناء نصب الخيام في منطقة مارون الراس اللبنانية.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن عشرات من المستوطنين دخلوا جنوب لبنان.
وقالت إن "عوري تسافون" حاولت إقامة مستوطنة في مارون الراس، ونصب خيام وزراعة أشجار أرز ووضع أحجار في زاوية تذكارية، تخليدا لذكرى الجندي "يهودا درور يهلوم" الذي قُتل بمعارك جنوب لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأثناء حديث مع عناصر من الجيش الإسرائيلي، وفق الصحيفة، قال الناشطون إنهم وصلوا لبنان لوضع حجر أساس مستوطنة "مي ماروم".
وزعموا أن مارون الراس" كانت تسمى "مي ماروم" في الماضي، و"كانت أرضا عبرية قديمة عاش فيها كهنة، وسنعود إلى كل الأماكن التي عاش فيها اليهود بلبنان"، على حد تعبيرهم.
أما "عوري تسافون" التي تعني "أيقظوا الشمال"، فذكرت على موقعها أن 6 عائلات يهودية وصلت جنوب لبنان للاستيطان فيه ونصبوا الخيام وزرعوا أشجار أرز.
ووفق مجلة "972+" العبرية في 8 ديسمبر الجاري، فإن مجموعات من المستوطنين بدأت تتوسع في المناطق الحدودية مع سوريا ولبنان، مستغلة سقوط نظام بشار الأسد على يد فصائل سورية في ذات اليوم.
وشنت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي حربا واسعة مدمرة على لبنان، ويسود منذ 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي اتفاق هش لوقف إطلاق النار مع "حزب الله" يخترقه الجيش الإسرائيلي يوميا.
وفي هذا الإطار تسلط الأناضول الضوء على "عوري تسافون" وبنيتها التأسيسية وأهم رموزها وموقفها من جنوب لبنان وهضبة الجولان السورية المحتلة.
المؤتمر الأول
في 22 يونيو/ حزيران الماضي، قالت القناة 12 العبرية (خاصة) إن مستوطنين عقدوا في 17 من الشهر نفسه، عبر تطبيق "زووم"، مؤتمر "الاستيطان الأول في لبنان".
وعُقد المؤتمر تحت عنوان "نماذج ناجحة للاستيطان من الماضي ودروس لجنوب لبنان"، ويمثل تدشينا لمنظمة "عوري تسافون" الاستيطانية.
ووفق صحيفة "ماقور ريشون" العبرية في 18 يونيو، فإن المؤتمر هدف إلى العمل على "احتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني وتوطين اليهود فيه".
وينص وقف إطلاق النار على انسحاب إسرائيل خلال 60 يوما من البلدات اللبنانية التي احتلتها أثناء عدوانها الأخير على لبنان.
ورغم انعقاد المؤتمر افتراضيا، إلا أن المشاركين فيه لم يتجاوز عددهم 280 شخصا، حسب صحيفة "هآرتس" العبرية، التي قالت إن زعيمهم وقائد المنظمة هو عاموس عزاريا.
وتحدث خلال المؤتمر، حاجي بن آرتسي شقيق سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعم قائلا: "لسنا متطرفين والحدود بين لبنان وإسرائيل مصطنعة، والجليل يمتد إلى الليطاني".
وحول كيفية تأسيس مستوطنة وشرعنتها قانونيا، قال المحامي دورون نير تسيفي، خلال المؤتمر: "توجد سابقة لنا في الضفة الغربية، والتسوية قد تحظى بموافقة دولية".
وأضاف أنه "يمكن القيام بتسوية في جنوب لبنان لأسباب أمنية، كما سبق ووافق الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب (عام 2019) على اعتبار الجولان جزءا من إسرائيل".
وفي وضع لا يعترف به المجتمع الدولي، تحتل إسرائيل منذ حرب 5 يونيو 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واحتلت في الأيام الأخيرة مزيدا من أراضي الجولان، مستغلة تطورات سوريا.
شجرة ونجمة
"عوري تسافون" يتضمن شعارها شجرة الأرز اللبنانية داخل نجمة داود السداسية، وتحتها عنوان "حركة الاستيطان في جنوب لبنان باسم يسرائيل سوكول".
ويعج موقع المنظمة بصور تظهر محاولة أعضائها إقامة مستوطنة ونصب خيام ورفع لافتات مكتوب عليها "لبنان لنا"، وسط تواجد جنود إسرائيليين.
ونقلت مجلة "972+" عن عضو بالمنظمة قوله، في مجموعة تضم منتسبيها على واتساب: "علينا أن نغزو وندمر بأقصى قدر ممكن وبأسرع وقت ممكن".
ولا تكتفي المنظمة بالاستيطان في لبنان فحسب، بل تعتزم الاستيطان في سوريا أيضا، إذ نقلت المجلة عن عضو آخر بالمنظمة: "يجب أن نتحقق من القوانين الجديدة في سوريا لمعرفة ما إذا كان يُسمح للإسرائيليين بالاستثمار في العقارات وشراء الأراضي هناك".
غزة ولبنان
على موقعها، تقول المنظمة إنه "لمواجهة الشر الإيراني، ومن أجل استقرار إسرائيل لأجيال، يجب أن ينتمي لبنان إلى إسرائيل الدولة وإسرائيل الشعب".
وتزعم أنها استيطانها بجنوب لبنان يأتي من استشهادها بالفقرة "مَجْدُ لُبْنَانَ إِلَيْكِ يَأْتِي. السَّرْوُ وَالسِّنْدِيَانُ وَالشَّرْبِينُ مَعًا لِزِينَةِ مَكَانِ مَقْدِسِي، وَأُمَجِّدُ مَوْضِعَ رِجْلَيَّ"، (إش 60: 13). وهي من سفر إشعياء.
وتقول المنظمة إنها دُشنت لتحقيق حلم يسرائيل سوكول، وهو جندي قُتل خلال معارك بقطاع غزة، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة، خلفت أكثر من 152 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء.
وكان سوكول (24 عاما) عضوا نشطا بـ"جبل الهيكل"، وهي المنظمة الإسرائيلية الأكثر تطرفا، وتسعى لتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكل مكانه.
ووفق موقع المنظمة، كتبت عائلة سوكول على قبره: "رأيتك يا غزة في ظل أرز لبنان"، إذ كان يحلم بالإشراف على بناء مستوطنة في جبال لبنان، ما دعاه إلى الانضمام للجيش للحرب في غزة، بدعوى أنها مقدمة لـ"حرب كبرى في لبنان".
مخطط المنظمة
محذرا من أهداف "عوري تسافون"، قال المحلل السياسي لـ"هآرتس" أنشيل فيفر، عبر مقال في 19 يونيو إنه "لا يجب تجاهل مخطط المنظمة".
وأضاف: "على الجميع أن يتذكر أن خطط المستوطنين للاستيطان في الضفة الغربية (المحتلة منذ 1967) بدت أيضا غريبة قبل 50 عاما".
وتابع فيفر أن هؤلاء المستوطنين لديهم دافع قوي لبناء مستوطنة "فهم يعيشون بيننا ويتطلعون إلى الشمال ويحلمون بوطن في لبنان".
أما صحيفة "ماقور ريشون" فقالت في 18 يونيو إنه قبل شهرين من هذا التاريخ، قاد عاموس عزاريا (مؤسس المنظمة)، وهو أستاذ ذكاء اصطناعي، قافلة سيارات باتجاه جنوب لبنان، وأقاموا لفترة في مستوطنة "كريات شمونة"، للدعوة إلى الاستيطان في جنوب لبنان.
ومطلع ذلك الشهر، وصل مستوطنون إلى الحدود، وألقوا مئات المنشورات باللغتين العبرية والعربية إلى الداخل اللبناني باستخدام بالونات، يدعون فيها سكان جنوب لبنان إلى إخلاء منازلهم، حسب الصحيفة.
وكتبوا في منشوراتهم: "تحذير! هذه أرض إسرائيل لليهود. مطلوب منكم إخلاؤها على الفور!".
وقبل تأسيس "عوري تسافون" لم يكن أحد يتحدث عن الاستيطان في جنوب لبنان، لكن الخطاب بدأ يتغير خاصة مع تواصل أعضاء المنظمة مع برلمانيين في "الكنيست".
ويمكن أن يصبح الأمر مطروحا للنقاش تماما مثل الحديث حاليا عن الاستيطان في قطاع غزة، حسب مجلة "972+".
ووفق فيفر فإن "مثل هؤلاء المستوطنين الراغبين في بناء مستوطنة بجنوب لبنان أثبتوا أن أوهام اليوم هي سياسة إسرائيل في الغد، وهي الواقع في اليوم التالي".
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراض في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.