قال إعلام عبري إنه من المتوقع أن يجتمع المجلس الوزاري السياسي الأمني الإسرائيلي "الكابينت" الثلاثاء، للمصادقة على اتفاق محتمل مع لبنان لوقف إطلاق النار.
يأتي ذلك في ظل تصريحات أمريكية وإسرائيلية خلال الساعات الأخيرة تشير إلى قرب التوصل للاتفاق المذكور، رغم غياب أي تأكيد رسمي لبناني، وتحذير "حزب الله" من محاولات نشر أجواء إيجابية كاذبة.
ونقل موقع "والا" العبري الخاص عن ما وصفه بـ"مسؤول إسرائيلي كبير" دون تسميته إنه "تم التوصل إلى اتفاق بشأن عناصر الصفقة، ومن المتوقع أن يجتمع الكابينت الثلاثاء للمصادقة عليها".
وأضاف: "نعتقد أن هناك اتفاقا، نحن على خط المرمى، لكننا لم نتجاوزه بعد لأنه يتعين على الحكومة الإسرائيلية الموافقة على الاتفاق غدا، وقد يطرأ أي طارئ في اللحظة الأخيرة".
وحسب موقع "والا" وصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الخاصة، تتضمن مسودة الاتفاق التي لم تؤكدها مصادر لبنانية، فترة انتقالية مدتها 60 يوما، ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، بينما تنتشر قوات الجيش اللبناني بالمناطق القريبة من الحدود، وينقل "حزب الله" أسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني.
كما تشمل مسودة الاتفاق لجنة رقابة دولية بقيادة الولايات المتحدة لمتابعة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات، وفق الإعلام العبري.
فيما تمنح واشنطن إسرائيل رسالة ضمانات تتضمن دعما لتحركها العسكري ضد التهديدات الفورية من الأراضي اللبنانية، وأيضًا اتخاذ إجراءات لمنع إعادة تمركز "حزب الله" عسكريا قرب الحدود أو تهريب أسلحة ثقيلة، وفق ذات المصادر.
لكن لن تُقدم إسرائيل على أي تحرك إلا بعد التشاور مع الولايات المتحدة، وإذا لم تعالج القوات اللبنانية التهديد.
في سياق التصريحات الإسرائيلية المتفائلة، قالت هيئة البث العبرية الرسمية: "يسود اعتقاد في إسرائيل بأن الاتفاق مع لبنان قد تم إنجازه".
وأضافت الهيئة: "من المقرر عقد مناقشة تشاورية محدودة غدًا حول الاتفاق، دون تحديد المشاركين فيها"، وتابعت: "بعد ذلك، قد تُجرى مناقشة في الكابينت بشأن الاتفاق".
ونقلت الهيئة عن مصدر مطلع لم تسمه أن الإدارة الأمريكية سعت إلى حشد مزيد من الدول للانضمام إلى اللجنة الدولية المعنية بمتابعة تنفيذ الاتفاق ومعالجة الانتهاكات.
وأشارت إلى أن فرنسا وبريطانيا ستصبحان جزءا من اللجنة في النهاية، رغم الاعتراض الإسرائيلي على الدور الفرنسي بعد إعلان باريس عزمها تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرات الاعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
وفي هذا الصدد، نقل موقع "والا" عن مسؤول أمريكي مطلع لم تسمه قوله إن الأزمة المتعلقة بالدور الفرنسي في الاتفاق تم حلها في الساعات الأخيرة.
وأضاف أن فرنسا ستتخذ خطوات لتحسين العلاقات مع إسرائيل، وستشارك في آلية تنفيذ الاتفاق.
وكانت الجنائية الدولية أصدرت الخميس مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في غزة.
وفي وقت سابق الإثنين، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن اختبار أي تسوية في لبنان "لن يكون بالكلام، بل بالتنفيذ".
وأكد ساعر أنه سيكون من الضروري منع "حزب الله" من التوجه جنوبًا من نهر الليطاني، ومنعه من إعادة بناء قوته أو تسليحه في سائر لبنان.
وأضاف: "سيتم التعامل مع أي انتهاك على الفور، لن نوافق بعد الآن على بيع المستقبل مقابل السلام المؤقت في الحاضر"، وفقًا لما نقله عنه موقع "والا".
ويأتي الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق في ظل تصاعد كبير بالعدوان الإسرائيلي على لبنان، وتصعيد "حزب الله" رده على العدوان.
فقد شن الجيش الإسرائيلي، الأحد، سلسلة غارات على مناطق عدة في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، معقل "حزب الله"، هي الأعنف منذ بدء المواجهات في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
في المقابل سجل الأحد أكبر عدد لهجمات وتصديات "حزب الله" للعدوان الإسرائيلي منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بمعدل 51 هجوم وتصدي، مقارنة بالرقم القياسي السابق المسجل السبت، وهو 34 هجوم وتصدي، حسب رصد مراسل الأناضول لبيانات الحزب اليومية.
ورصدت تل أبيب الأحد إطلاق أكثر من 250 صاروخا من جانب "حزب الله" على وسط وشمال إسرائيل، إضافة إلى استهدافات لقوات وآليات عسكرية إسرائيلية جنوب لبنان.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن تل أبيب ستجري تلك المفاوضات "تحت النار".
وهو ما رد عليه الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم في كلمة مصورة الأربعاء، قائلا إن تفاوض حزبه ليس تحت النار كما قال نتنياهو، "لأن إسرائيل هي تحت النار أيضا".
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها "حزب الله" بدأت عقب شنها حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و768 قتيلا و15 ألفا و699 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات لبنانية رسمية معلنة حتى مساء الاثنين.
ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.