قال البروفيسور بجامعة ابن خلدون التركية، عرفان أحمد، إن النازية تعتبر مصدر إلهامٍ للجماعات الصهيونية وللقومية الهندوسية في الهند "الهندوتفا".
وفي مقابلة مع الأناضول تحدث أحمد، المحاضر بقسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، مقيّما أوجه الشبه بين النازية والصهيونية و"الهندوتفا".
وأفاد بأن الصهيونية وعقيدة "الهندوتفا" القومية الهندية، تعتبران أيديولوجيات "قومية إقصائية متطرفة، تستلهم أفكارها من النازية التي ارتكبت مذابح إبادة جماعية في أوروبا".
ولفت البروفيسور إلى أن هناك شخصيتين تاريخيتين شكلتا الأطر النظرية للعقيدة القومية الهندية (هندوتفا)، وهما فيناياك دامودار سافاركار و"إم إس جولوالكار".
وسافاركار وجولوالكار هما مؤسسا الأطر النظرية للعقيدة القومية الهندية، ويذكر جولوالكار بوضوح في أعماله أنه يجب على الهند أخذ النازية كمثال يحتذى به.
وهكذا تمكنت الهندوتفا من إلباس النازية لبوسًا هنديًا يقوم بالطبع على أصالة الأمة الهندوسية، وفق أحمد.
وأردف: "كانت عقيدة أدولف هتلر (1889-1945) تقوم على ما يسمى بنقاء العرق الآري وبناء الأمة الألمانية على هذا الأساس".
عندما نأتي إلى الصهيونية، نرى أن هذا التيار الأيديولوجي تمكن من استنساخ مجموعة من الأفكار النازية التي جرى تطبيقها على اليهود سابقًا، وتطبيق تلك الممارسات على الآخرين.
وأشار إلى أن ظهور إسرائيل كان مدفوعا "بفكرة جمع شتات الأمة اليهودية النقية والأصيلة"، وهي فكرة تذكرنا بالنازيين، لاسيما أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الأيديولوجيتين.
وذكر أن فكرة "القومية الإقصائية" هي إحدى أهم النقاط المشتركة بين الهندوتفا والصهيونية، وقال: "عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، نرى بروز مبدأ الدولة اليهودية".
وبالمثل نستطيع القول إن الهند بدأت بالتحول إلى دولة عرقية هندوسية. وبهذا المعنى، يقول سياسيون يتبنون عقيدة الهندوتفا إنه ينبغي الاستفادة من تجربة إسرائيل في كيفية حل قضية كشمير.
تحالف ديمقراطي
وأشار البروفيسور أحمد إلى عدم وجود تشابه في الأطر الأيديولوجية فحسب، بل هناك أيضًا تحالف واضح بين السياسيين الصهاينة و"الهندوتفا".
وذكر أن الإسرائيليين يزعمون أن لديهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بينما يدعي الهنود أن لديهم "أكبر ديمقراطية في العالم".
وأشار إلى أن التحالف بين الصهيونية والهندوتفا يتم طرحه في الأوساط السياسية على أنه "تحالف ديمقراطي".
وقال أحمد: "رغم الحديث عن الديمقراطية إلا أن هذا الطرح لا يعكس الحقيقة، نرى أن هذا التحالف ليس مدفوعًا إلا بكراهية الإسلام والمسلمين".
ومضى: "عندما بدأت الهجمات الإسرائيلية على غزة (في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي)، توجه مئات من الهندوس إلى السفارة الإسرائيلية في نيودلهي وقالوا إنهم يريدون الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي".
وذكروا في تصريحات أدلوا بها للصحافة في الهند أن الإسلام هو العدو المشترك لهما (الهندوتفا والصهيونية)، وأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي يمكنها مقارعة 56 دولة إسلامية.
وبالانتقال إلى الديمقراطية، نرى أنه لا يُسمح للفلسطينيين ولا للكشميريين بممارسة سيادتهم على أرضهم أو التمتع بحقوق المواطنة، بحسب بروفيسور علم الاجتماع.
- كيانات استعمارية
ويؤكد البروفيسور أحمد أن البنى والكيانات الاستعمارية مستمرة في العيش والمحافظة على بقائها في عصرنا، رغم حدوث تغييرات جذرية في البنى المؤسسية والأفكار وطرق التفكير.
وأشار إلى أن الاستراتيجيات المطبقة على فلسطين وكشمير تشبه الاستراتيجيات الاستعمارية البريطانية في جوانب عديدة.
وقال: "يرتكز الحكم البريطاني على مبدأ فرق تسد، وهو بالضبط ما تمارسه إسرائيل اليوم في فلسطين لخلق فصائل داخل جماعة المقاومة الفلسطينية. وهو ما يمارسه القوميون الهندوس أيضًا في كشمير".
وأوضح أن إسرائيل والهند تطرحان وجهات نظر مماثلة في تعريف المواطنة، ورغم أن اليهود في جميع أنحاء العالم يمكنهم أن يصبحوا مواطنين إسرائيليين متى أرادوا، إلا أن الفلسطينيين غير قادرين على دخول الأراضي التي عاش فيها أجدادهم لآلاف السنين.
وحول "قانون الجنسية الجديد" الذي أقره البرلمان الهندي في 2019، قال أحمد: "بموجبه تم تسهيل إجراءات الحصول على الجنسية لمجتمعات مثل الهندوس والسيخ والبوذيين والجاينيين والزرادشتيين والمسيحيين، باستثناء المسلمين".
وقانون المواطنة الهندي المعدّل في 2019، يمكن البوذيين والهندوس والسيخ والجاين والبارسيس والمسيحيين، الفارين من الاضطهاد الديني، وخاصة من باكستان وبنغلاديش وأفغانستان، من الحصول على الجنسية الهندية إذا أثبتوا هويتهم، وأنهم أقاموا في الهند أكثر من 6 سنوات، باستثناء المسلمين.
وتابع عالم الاجتماع قائلا: "في إسرائيل يمكن لليهودي أن يصبح مواطناً تلقائياً بغض النظر عن مكان وجوده في العالم، هذه الأيديولوجية العرقية المتمثلة في كون المرء إسرائيليًا وهنديًا ليست مجرد خطاب نظري، بل أساس نظري لقوانين باتت تحكم الحياة السياسية والاجتماعية والقانونية" في الدولتين.
مصالح القوى الغربية
البروفيسور أحمد لفت أيضا إلى أن قيمة حياة البشر في النظام العالمي الحالي تتفاوت تبعًا للعرق واللون والدين، ونهج الغرب تجاه أوكرانيا يختلف كثيرا عنه تجاه القضية الفلسطينية.
وشدد الأكاديمي على أن النخب الغربية ومراكز الفكر وآليات صنع القرار لا تحترم حياة الإسرائيليين والفلسطينيين بنفس القدر.
وزاد: "يتم إظهار ردود فعل مختلفة تجاه حياة البشر تبعًا للانتماء العرقي أو الدين أو لون البشرة، فعندما يغزو هتلر فرنسا يصبح الأشخاص الذين يتصدون لهذا الغزو مقاومين، وعندما تغزو إسرائيل فلسطين، يصبح الذين يتصدون للغزو إرهابيين".
"كثير من الناس يطلقون على هذا اسم ازدواجية معايير أو كيل بمكيالين، عندما نفكر في السبب نجد أن المعيار الوحيد الذي يوجه البوصلة هو مصالح القوى الغربية"، يختم البروفيسور أحمد.