ذهب الأمازون القاتل.. تنقيب غير مشروع يلتهم الغابة ويهدد السكان الأصليين

14:3819/12/2025, vendredi
يني شفق
ذهب الأمازون القاتل… تنقيب غير مشروع يلتهم الغابة ويهدد السكان الأصليين
ذهب الأمازون القاتل… تنقيب غير مشروع يلتهم الغابة ويهدد السكان الأصليين

كارثة بيئية في الأمازون بسبب التنقيب غير المشروع عن الذهب


تشهد غابات الأمازون في البرازيل تدهورًا متسارعًا بفعل أنشطة التنقيب غير القانوني عن الذهب، التي باتت تترك وراءها مساحات واسعة من الأراضي المدمّرة، بعدما كانت تغطيها غابات كثيفة تُعد من الأهم عالميًا من حيث التنوع البيولوجي. هذه العمليات تحوّل المشهد الطبيعي إلى حفر موحلة ومجاري مائية ملوثة، ما يهدد التوازن البيئي وحياة السكان الأصليين الذين يعتمدون على الغابة مصدرًا للغذاء والهوية والثقافة.

ورغم الإجراءات الحكومية الرامية إلى كبح هذه الأنشطة، فإن الواقع الميداني يشير إلى اتساع رقعتها، خاصة داخل أراضي السكان الأصليين في شمال البلاد، تقرير حديث لمنظمة “غرينبيس” كشف أن أكثر من 4200 هكتار من الغابات المطيرة تعرضت للدمار خلال العامين الأخيرين فقط بسبب البحث غير المشروع عن الذهب. واستند التقرير إلى صور أقمار صناعية ولقطات جوية أظهرت تنامي المعسكرات العشوائية وازدياد عمليات الحفر دون أي رقابة رسمية.

ويعمل المنقبون، الذين يخترقون المناطق المحمية، على قطع الأشجار بشكل مكثف وتجريف التربة لاستخراج المعدن النفيس، متجاهلين الآثار البيئية بعيدة المدى. لكن الخطر لا يقتصر على تدمير الأشجار أو تشويه الأراضي، بل يمتد ليصيب الأنهار والمياه الجوفية، ما ينعكس مباشرة على صحة الإنسان والحياة البرية.

أحد أخطر جوانب هذه الظاهرة يتمثل في استخدام الزئبق خلال عمليات التعدين، وهي مادة شديدة السمية تُستعمل لفصل الذهب عن الصخور، هذا الاستخدام يؤدي إلى تلوث الأنهار التي تشكل شريان الحياة للغابات وسكانها وقد حذّر زعيم قبيلة كايابو، راوني ميتوكتاير، من أن استمرار هذا النهج لا يهدد الطبيعة فحسب، بل يطمس ثقافة الشعوب الأصلية التي عاشت قرونًا في انسجام مع الغابة.

دراسات علمية متعددة أكدت أن التلوث بالزئبق يتسبب بأمراض خطيرة، من بينها تلف الجهاز العصبي واضطرابات النمو لدى الأطفال وفي هذا السياق، أظهرت دراسة لمعهد “أوزوالدو كروز” الوطني أن نسبة كبيرة من سكان قرى تابعة لقبائل اليانومامي يحملون مستويات مرتفعة من الزئبق في أجسامهم، ما ينذر بأزمة صحية طويلة الأمد يصعب احتواؤها.

إلى جانب ذلك، فتح التعدين غير المشروع الباب أمام شبكات الجريمة المنظمة، إذ تشير منظمات بيئية إلى أن عصابات التهريب والمخدرات أصبحت تسيطر على مناطق التنقيب. هذا الواقع أدى إلى تصاعد أعمال العنف والاعتداءات ضد السكان الأصليين الذين يحاولون حماية أراضيهم. ووفق تصريحات صادرة عن “غرينبيس”، فإن القضية لم تعد بيئية فقط، بل تحولت إلى منظومة عنف متكاملة تستهدف الإنسان والطبيعة في آن واحد.

ومع ذلك، لا يمكن النظر إلى جميع المنقبين بوصفهم جناة، إذ تشير تقارير أممية إلى أن نسبة كبيرة منهم يعملون تحت ضغط الفقر أو في ظروف أقرب إلى العمل القسري، دون بدائل اقتصادية حقيقية، هذا التعقيد يجعل من أزمة التعدين غير القانوني في الأمازون قضية متعددة الأبعاد، تتطلب حلولًا شاملة تراعي حماية البيئة، وصون حقوق السكان الأصليين، ومعالجة الجذور الاقتصادية والاجتماعية للمشكلة.


#ذهب
#الأمازون
#بيئة