قبل أن يُسلم مهامه رسميًا إلى دونالد ترامب في 20 يناير 2025، اتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن قرارًا أثار مخاوف واسعة من احتمال اندلاع "حرب عالمية ثالثة". فبعد أن كان قد منع سابقًا استخدام الصواريخ طويلة المدى (ATACMS) التي قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا داخل الأراضي الروسية، فاجأ بايدن الجميع بالسماح باستخدامها. هذا التحول المفاجئ يثير قلقًا من تصعيد قد يصل إلى حد استخدام "الأسلحة النووية"، وسط نقاشات حول احتمال امتداد النزاع إلى أوروبا وربما إلى العالم بأسره.
قبل شهرين فقط، كان بايدن قد رفض السماح باستخدام صواريخ "ستورم شادو" البريطانية داخل روسيا، مبررًا ذلك بخطر نشوب "حرب بين الناتو وروسيا". ولذلك، لم يكن أحد يتوقع أن يتخذ بايدن، في مرحلة انتقال السلطة، قرارًا يزيد من تفاقم الحرب في أوكرانيا.
يبدو أن بايدن انتظر نتائج الانتخابات الأمريكية لرفع القيود عن استخدام الأسلحة طويلة المدى. في المقابل، وعد ترامب خلال حملته الانتخابية بأن أول قراراته كرئيس سيكون إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وبعد نشر أخبار عن قرار بايدن بالسماح باستخدام الصواريخ طويلة المدى داخل الأراضي الروسية، انتقد دونالد ترامب الابن الإدارة بشدة عبر حسابه على منصة "X" في 17 نوفمبر. وقال إن "المجمع العسكري الصناعي" يسعى لإشعال حرب عالمية ثالثة قبل تولي والده المنصب.
عدد من النواب الجمهوريين الموالين لترامب وجهوا اتهامات مشابهة، مشيرين إلى أن بايدن يسعى إلى إثارة حرب عالمية خطيرة قبل خروجه من البيت الأبيض من خلال إعطاء أوكرانيا الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ ضد روسيا. وأضافوا أن الأمريكيين، من خلال انتخاب ترامب في 5 نوفمبر، عبّروا بوضوح عن رفضهم تمويل الحروب الخارجية أو الانخراط فيها.
وفي تعليق على القرار، قال مايك والتز، مستشار الأمن القومي لترامب، خلال مقابلة مع "فوكس نيوز": "هذه خطوة أخرى على سلم التصعيد، ولا أحد يعلم إلى أين يمكن أن تقودنا هذه التطورات".
بالطبع، هناك من يفسر قرار بايدن بشكل مختلف. ومن بين هؤلاء الجنرال المتقاعد كيث كيلاوغ، الذي كان مستشارًا للأمن القومي خلال فترة ترامب. وفي حديثه لقناة "فوكس نيوز" يوم الجمعة، قال كيلاوغ إن قرار بايدن سيمنح الرئيس ترامب، عند توليه المنصب، مزيدًا من المرونة في اتخاذ الإجراءات ضد روسيا.
على الرغم من أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد قلصتا من سقف "عقيدة" استخدام روسيا للأسلحة النووية، إلا أنهما لا تبدوان مهتمتين بذلك بشكل كبير. وهذه اللامبالاة أو الافتراض بأن بوتين لن يُصعّد الحرب قد تكون لها عواقب مدمرة. لا أحد كان يتوقع في عام 1914 أن مقتل الأرشيدوق فرانز فرديناند، ولي العهد النمساوي المجري، على يد صربي في سراييفو، سيؤدي إلى اندلاع الحرب. لم يكن أحد يتخيل أن هذه الحادثة الإقليمية البسيطة ستتحول إلى حرب عالمية.
في ذلك الوقت، لم تكن أي من القوى الكبرى مثل ألمانيا والنمسا-هنغاريا وإنجلترا وفرنسا وروسيا تنوي شن حرب. ومع ذلك، أدى مقتل ولي العهد إلى تأثير "الدومينو"، مما أشعل حربًا مدمرة استمرت أربع سنوات وأسفرت عن مقتل عشرة ملايين شخص.
في كتابه "النائمون: كيف دخلت أوروبا في الحرب عام 1914"، الذي نُشر في عام 2012، يسلط البروفيسور كريستوفر كلارك من جامعة كامبريدج الضوء على كيف أن مجموعة من صناع القرار تقدمت بخطوات عمياء في مسار مليء بالعقبات والإشارات المغلوطة، في ظل مناخ من انعدام الثقة العميقة. وقد أدى ذلك إلى كارثة مدمرة، حيث كان هؤلاء المسؤولون يسيرون في طريق ضيق لا يفضي إلى أي مخرج سوى الانزلاق نحو الدمار.
وقد وصف البروفيسور كلارك هذا النوع من الغفلة بقوله: "النائمون: أولئك الذين يسيرون بحذر لكنهم عميان، الذين يلاحقون الأحلام لكنهم عميان عن الرعب الحقيقي الذي يقترب منهم".
راقبت القوى الكبرى في أوروبا، التي كانت تدعي العقلانية، "اغتيال الأرشيدوق في سراييفو"، لكنها فشلت في إدراك التأثير الكبير لهذا الحدث. ووفقًا للبروفيسور كلارك، لم يكن ذلك مجرد غفلة، بل كان بمثابة قفز جماعي نحو الهاوية، حيث كان كل طرف يأمل أن يخفف الآخر من وقع سقوطه، وهو نوع من القفز المشترك نحو مصير مأساوي.
منذ بداية الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حذرت العديد من الدول والقادة، بما فيهم تركيا، من أن استمرار النزاع قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية. وتؤكد التصرفات الاستفزازية من جانب إسرائيل لتوسيع نطاق الحرب صحة هذه التحذيرات. لا توجد حرب حتمية؛ ما يلزم هو ظهور القيادة الحكيمة في الوقت المناسب لتوجيه الأمور نحو السلام.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة