خبيران: السلطة الفلسطينية أمام شروط قاسية إذا شاركت بـ"مجلس غزة"

10:1918/12/2025, الخميس
تحديث: 18/12/2025, الخميس
الأناضول
خبيران: السلطة الفلسطينية أمام شروط قاسية إذا شاركت بـ"مجلس غزة"
خبيران: السلطة الفلسطينية أمام شروط قاسية إذا شاركت بـ"مجلس غزة"

هاني المصري مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات": - الإدارة الأمريكية هي صاحبة اليد العليا في مجلس سلام غزة رغم اكتساب شرعيته من مجلس الأمن - قرار تشكيل مجلس السلام لا يحتوي على أي التزام بأفق سياسي حقيقي أو دولة فلسطينية مدير مركز "يبوس" للدراسات سليمان بشارات: - السلطة الفلسطينية قد تكون الطرف الأضعف في معادلة إدارة قطاع غزة - عدة أطراف تحاول ممارسة ابتزاز سياسي على السلطة الفلسطينية مقابل إشراكها في إدارة القطاع

يرى خبيران سياسيان أن السلطة الوطنية الفلسطينية ستواجه شروطا قاسية ومعقدة إذا عرض عليها المشاركة في ما يُعرف بـ"مجلس السلام" لإدارة قطاع غزة.

وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025 اعتمد مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار أمريكي بشأن إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، يأذن بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية العام 2027.

وبحسب القرار، تدار غزة عبر حكومة تكنوقراط فلسطينية انتقالية، تعمل تحت إشراف "مجلس سلام" تنفيذي بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفقا لخطته التي أطلقها لوقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي وتتكون من 20 بندا ودخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت سنتين، أكثر من 70 ألف قتيل وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.

وحظي قرار مجلس الأمن الذي قدمته واشنطن بموافقة 13 دولة، في حين امتنعت روسيا والصين عن التصويت، وأبدت كل من إسرائيل وحركة "حماس" معارضتهما بعض جوانب الخطة.

وفي 23 نوفمبر الماضي بحث نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بمدينة رام الله تطورات الوضع الفلسطيني بقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بعد تبني مجلس الأمن قرارا بشأن إنهاء الحرب.

** أهداف أمريكية وإسرائيلية

وفي مقابلة مع الأناضول، يقول هاني المصري، مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات"، إن زيارة بلير إلى رام الله جاءت في سياق ممارسة ضغوط على السلطة لتوافق على الشروط الأمريكية الإسرائيلية بشأن مجلس السلام في غزة.

ويلفت المصري إلى أن هناك ترحيبا إقليميا بالمجلس، وأن ثمة دولا مستعدة للمشاركة في قوة السلام بغزة.

ويستدرك بالقول: "لكن هذا لا يعني أن كل وجهات النظر متساوية، فالإدارة الأمريكية هي صاحبة اليد العليا، والرئيس الأمريكي هو الذي يقرر في النهاية".

ويضيف: "مجلس السلام، رغم إقرار وجوده من مجلس الأمن إلا أن مرجعيته والتحكم بعمله ليس من مجلس الأمن، حتى أنه لا يرسل له تقارير حول عمله".

ويحذّر المصري من أنه "ما دام لا توجد مرجعية دولية مؤتمنة في مجلس الأمن، سيبقى هناك خطر تمديد فترة عمل المجلس، والنص يشير بوضوح إلى إمكانية التجديد، وبالتالي الفلسطينيون خارج حكم أنفسهم لفترة قد تطول، وهذا يضعفهم أكثر ويخدم المخططات الأمريكية والإسرائيلية".

** شروط قاسية

وحول طبيعة الشروط التي تُفرض على السلطة الفلسطينية، يوضح المصري: "هناك من يريد أن تكون لجنة التكنوقراط التي ستدير قطاع غزة تحت مجلس السلام هي الحكومة (الفلسطينية)، وهناك من يريد أن يكون مجلس السلام هو الحكم مباشرة، وهناك من يريد دمج المسألتين وهذا الخلاف ليس بين قوى متساوية، الإدارة الأمريكية هي صاحبة اليد العليا، وتقرر ما يخدم مصالح إسرائيل".

وينبه إلى أن "قرار تشكيل مجلس السلام لا يحتوي على أي التزام بأفق سياسي حقيقي أو دولة فلسطينية، وإنما قد يلزم السلطة بالشروط الموضوعة لتشارك، وهذا قد يكون مجرد ذرّ للرماد في العيون، وإذا كانت الاتفاقات الواضحة لا تُنفذ، فكيف إذا كانت غير واضحة؟".

ويشير المصري إلى أن من بين الشروط التي يمكن أن توضع أمام السلطة الفلسطينية إذا رغبت بأن يكون لها دور في قطاع غزة "وقف رواتب الأسرى، وتغيير المناهج، ووقف التحريض الإعلامي ضد إسرائيل، والاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، ووقف ملاحقة تل أبيب في الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، ووقف الاعترافات أحادية الجانب بالدولة الفلسطينية".

ويتابع: "موضوع مجلس السلام معقد جدًا، وليس مؤكدًا أن ينجح، والخطر كبير، لكن هناك فرص أيضًا والحل هو الاتفاق على رؤية واحدة وبرنامج واحد وشراكة فلسطينية موحدة، لأن هناك خطر مشترك لا يقبله طرف فلسطيني ويعارضه الآخر".

ويكمل المصري: "إذا نجح مجلس السلام في غزة يمكن أن يمتد تأثيره لاحقًا على الضفة الغربية، لذلك المخاطر كبيرة، لكن القضية الفلسطينية عادلة ولها دعم دولي واسع، إذ اعترفت 160 دولة بالدولة الفلسطينية، وهناك انتفاضة شعبية عالمية ضد إسرائيل، مما يوفر فرصة للرهان على المقاومة الدولية".

** الطرف الأضعف

بدوره يقول سليمان بشارات مدير مركز "يبوس" للدراسات، إن السلطة الفلسطينية "قد تكون الطرف الأضعف في معادلة إدارة قطاع غزة"، مشيرًا إلى أن عدة أطراف لم يسمها "تحاول ممارسة ابتزاز سياسي مقابل إشراكها (السلطة) في إدارة القطاع مستقبلاً".

ويوضح بشارات في حديثه للأناضول، أن "ضعف موقع السلطة الفلسطينية يعود إلى غيابها عن قطاع غزة خلال السنوات الماضية (منذ سيطرة حركة حماس بالعام 2007)، ما جعل أي دور مستقبلي لها مشروطًا بسلسلة من المساومات السياسية، تتمثل في مجموعة من الاشتراطات المسبقة".

ويبيّن أن أول هذه الاشتراطات "يتعلق بطبيعة وجود السلطة الفلسطينية في غزة، بحيث لا يكون وجودا سياسيا واضح المعالم، وإنما يقتصر على دور إداري وتنفيذي مرتبط بإدارة الجوانب الخدمية واللوجستية، دون امتلاك القرار السياسي المتعلق بمستقبل القطاع".

ويضيف بشارات أن "اشتراطًا آخر قد يرتبط بمحاولات التراجع عن بعض المطالب الفلسطينية، لا سيما تلك المتعلقة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ظل الاعترافات الأخيرة التي قدمتها عدة دول أوروبية".

ويعتبر أن إسرائيل "تسعى إلى إبقاء المسمى السياسي للسلطة الفلسطينية ضمن إطار إدارة محلية، دون التحول إلى مسمى دولة".

ويشير بشارات إلى أن "مرجعية أي لجنة إدارية أو حكومة محتملة لإدارة قطاع غزة لن تكون، وفق هذه الطروحات، خاضعة لقرار السلطة الفلسطينية، وإنما قد تكون تابعة لما يُعرف بمجلس السلام، ما يفقد السلطة استقلالية القرار".

ويضيف: "هذه الاشتراطات تتقاطع مع مطالب سابقة تتعلق بإصلاح السلطة الفلسطينية، بما يشمل ملفات الانتخابات، والفساد المالي والإداري، وهيكلية السلطة، وربما الذهاب نحو انتخابات فلسطينية شاملة ضمن جدول زمني محدد".

** السلوك الإسرائيلي بالضفة

ويتطرق بشارات إلى اشتراطات أخرى "مرتبطة بالسلوك الإسرائيلي في الضفة الغربية، لا سيما في مخيمات الشمال، حيث يُطرح مطلب تسليم إدارة المخيمات للسلطة الفلسطينية، بما يتضمن إزاحة صفة اللجوء عن سكانها".

ويشير إلى أن ذلك "قد يترافق مع تغييرات في التعامل مع ملف اللاجئين الفلسطينيين أو مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بما يمس جوهر حق العودة".

ويختم بشارات بالتحذير من أن "هذه المسارات مجتمعة تنذر بمحاولة تحويل القضية الفلسطينية في قطاع غزة إلى معادلة سياسية ـ أمنية بالدرجة الأولى، مع نزع الغطاء والمضمون السياسي، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على المكانة السياسية للسلطة الفلسطينية وعلى مستقبل الدولة الفلسطينية".







#اخبير الفلسطيني هاني المصري
#سليمان بشارات
#فلسطين
#قطاع غزة
#مجلس السلام