
- نشرته هيئة حقوق الإنسان والمساواة التركية بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام الأسد في سوريا - التقرير وثق استخدام النظام البائد أسلحة كيميائية وارتكابه جرائم ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية - شملت أعمال التوثيق زيارات ميدانية إلى مدن سورية ومعاينات في سجني صيدنايا والبالونة العسكري، وتوثيق مقابر جماعية - أحد مسؤولي الدفاع المدني السوري: - أحياء أُحرقت ودُمّرت بالكامل لمنع جمع الأدلة وطمس آثار الهجوم الكيميائي - معتقلون سابقون بسجن صيدنايا: - الإعدامات كانت تتم ليلًا والسجناء كانوا يُجبرون على سماع تنفيذ الأحكام بحق زملائهم
بأدلة ميدانية وشهادات ضحايا، وثق تقرير أعدّته هيئة حقوق الإنسان والمساواة التركية، الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها نظام بشار الأسد في سوريا والتي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ونشرت الهيئة التقرير بمناسبة الذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد، بهدف إظهار حجم الانتهاكات التي ارتكبها النظام بحق المدنيين، والمساهمة في جهود المساءلة وتحقيق العدالة.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، تمكن الثوار السوريون من دخول العاصمة دمشق، معلنين الإطاحة بنظام بشار الأسد (2000 - 2024)، الذي ورث الحكم عن أبيه حافظ (1970 - 2000).
وكشف التقرير عن شهادات ضحايا وأدلة ميدانية تثبت استخدام نظام الأسد الأسلحة الكيميائية، وتوثق حالات الإخفاء القسري، والتعذيب الممنهج، والإعدامات خارج نطاق القضاء، وغيرها من الجرائم التي ارتكبها النظام السابق.
وقام على إعداد التقرير فريقٌ خاص شكّلته الهيئة، انطلاقًا من قناعتها بأن التحقيق الدولي في هذه الجرائم يُعدّ واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا، وأن التوثيق المنهجي شرط أساسي للمحاسبة.
توثيق ميداني وشهادات من الضحايا
وفي إطار إعداد التقرير، أجرى فريق الهيئة لقاءات في مدينة غازي عنتاب مع مسؤولين في جمعيات حقوقية سورية، بما فيها جمعية معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، واستمع إلى شهادات ضحايا حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.
وشملت أعمال التوثيق زيارات ميدانية إلى حلب وإدلب ودمشق وحمص وحماة، أُجريت خلالها معاينات في سجن صيدنايا وسجن البالونة العسكري، إضافة إلى توثيق مقابر جماعية، أبرزها موقع خان العسل بريف حلب الذي يُقدّر أن نحو 16 ألف شخص دُفنوا فيه.
وأجرى الفريق مقابلات مع نازحين قسرًا، وضحايا القصف الجوي، ومتضررين من الهجوم الكيميائي في الغوطة الشرقية، إضافة إلى مسعفين وأفراد من الدفاع المدني شاركوا في عمليات الإسعاف الأولى.
وفي 21 أغسطس/آب عام 2013 نفذ نظام الأسد هجوما بأسلحة كيميائية على منطقة الغوطة الشرقية أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني بينهم مئات الأطفال والنساء، ولم يمح من ذاكرة السوريين.
إفراغ المناطق من سكانها بالبراميل المتفجرة
وأشار التقرير إلى أن نظام الأسد تجاهل دستور 2012 والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها سوريا، ما أدى إلى سقوط نحو 600 ألف قتيل منذ عام 2011، بينهم نحو 300 ألف مدني، موضحًا أن جزءًا كبيرًا من هذه الوفيات وقع في مجازر جماعية.
وبيّنت الشهادات أن النظام انتهج سياسة تهدف إلى تفريغ المناطق من السكان، عبر استخدام البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والأسلحة الكيميائية.
وقال أحد الشهود، وهو نازح يقيم في مخيمات أعزاز بريف حلب، إن الطيران والمدفعية شنّا قصفًا كثيفًا أجبر السكان على الفرار في فصل الشتاء بملابسهم فقط.
وأضاف: "من بقي في منزله تعرض لقصف بالبراميل، ومن خرج تعرّض للرمي المباشر".
محاولات ممنهجة لطمس أدلة الهجمات الكيميائية
وسلّط التقرير الضوء على هجمات خان شيخون والغوطة الشرقية الكيميائية، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات، معظمهم من الأطفال، جراء استخدام غاز السارين.
وأكد شهود أن النظام لجأ إلى قصف المناطق المتضررة لاحقًا بالبراميل المتفجرة بهدف طمس آثار الهجوم الكيميائي.
وقال أحد مسؤولي الدفاع المدني في دوما إن أحياء أُحرقت ودُمّرت بالكامل لمنع جمع الأدلة.
صيدنايا.. منظومة تعذيب وإعدام ممنهجة
ويُعدّ فصل سجن صيدنايا من أكثر الأقسام الصادمة بالتقرير، إذ وثّق شهادات معتقلين سابقين تحدّثوا عن تعذيب وحشي، وإعدامات شبه يومية، واحتجاز في ظروف غير إنسانية.
وقال معتقلون إن الإعدامات كانت تتم ليلًا، وإن السجناء كانوا يُجبرون على سماع تنفيذ الأحكام بحق زملائهم.
وأفاد أحد المعتقلين بوجود ما سُمّي بـ"غرفة الملح"، حيث تُترك الجثث لتتحلل لعدم توفر مقابر.
كما كشف التقرير عن أساليب تعذيب شملت التعليق من الأطراف (الشبح)، والضرب بالكابلات، والتعذيب داخل الإطارات المطاطية، والصعق بالكهرباء، والاعتداء الجنسي، إضافة إلى حرمان المعتقلين من الغذاء والعلاج.
وفي شهادة أخرى من مقبرة دوما، أوضح أحد الشهود أن قوات النظام قامت بعد سيطرتها على المنطقة بنبش القبور ونقل الجثث إلى أماكن مجهولة، بهدف إخفاء أسباب الوفاة ومنع فرق التحقيق من إثبات استخدام الأسلحة الكيميائية.
- دعوات للمساءلة الدولية
وخلص التقرير إلى أن نظام الأسد ارتكب خلال الفترة 2011–2024 انتهاكات واسعة وممنهجة، شملت القتل الجماعي، والإخفاء القسري، والتعذيب، واستخدام الأسلحة المحظورة، والتدمير المتعمد للمناطق السكنية، مؤكّدًا أن هذه الجرائم مثبتة بالأدلة والشهادات.
ودعا التقرير المجتمع الدولي ودول الأمم المتحدة إلى ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم عبر آليات القضاء الدولي والاختصاص القضائي العالمي.
وأوصى التقرير بفتح تحقيقات جنائية مستقلة في الهجمات الكيميائية التي ثبتت مسؤولية النظام عنها.
وفي معرض توصياته للحكومة السورية، طالب التقرير الإدارة السورية بالتعاون في حماية الأدلة ومنع إتلافها، والبدء في تحديد هويات المفقودين وفتح المقابر الجماعية، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة للضحايا، إضافة إلى توفير برامج تأهيل نفسي وجسدي للناجين من الاعتقال والتعذيب.









