قال مصطفى بن حمزة، عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب (أعلى هيئة دينية بالمملكة) إن رمضان "شهر التنمية الذاتية" للإنسان، والصيام "شريعة مشتركة" بين جميع الديانات.
وفي مقابلة مع الأناضول، أفاد بن حمزة، وهو أيضا رئيس فرع المجلس العلمي بمدينة وجدة (شمال شرق)، بأن "أحكام الشريعة كلها تتضمن حكما وفوائد تعود على الإنسان في حياته عاجلا أو آجلا، كما تعود على المجتمع بالخير والبركات".
وأضاف أن "رمضان شهر ميزته أنه يحيل الجميع على تنفيذ المبادئ التي جاء بها الإسلام، والتي قررها ودعا إليها، وضمنها مغالبة الشهوات والصبر والانضمام إلى الأمة الاسلامية".
وأوضح أن "الصوم عبادة يتفق عليها الناس، إذ إن العالم الإسلامي الشاسع الكثير الأفراد يصبح في لحظة صائم، وهو أمر مهم جدا يعلم منه الإنسان أن الله يريد من هذه الأمة أن تكون أمة واحدة متوافقة ومتفقة".
وأردف: "هذا لا يعني أن هناك تنميطا للبشر، هناك اختلافات وفروقا، لكن الإطار الكبير الذي نتفق فيه، هو ضرورة الاستعلاء عن الشهوة والرغبة التي تحكم الناس".
وتابع: "كثيرا من الناس لا يتصورون أن هناك أمة تصوم يوما كاملا، ويرون أن الشهوة والرغبة المادية غالبة ولا يمكن مغالبتها".
واستدرك: "نحن نغالب شهوتين قويتين، شهوة البطن والفرج، أي الأكل والشرب والجنس، وهذا يكسبنا ثقة في النفس وقدرة على تنفيذ ما نريد".
** "شريعة مشتركة"
وذكر عالم الدين المغربي: "منذ وجود الإنسان كان دائما يرى أن الصيام يمثل عربونا ودليلا على الإيمان بالمبادئ، وإلى الآن هناك من يصوم من آل الأديان".
واستطرد: "كل أهل الأديان لهم درجة من الصيام، والله تعالى عندما تحدث قال: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم".
وخلص إلى أن الصيام "شريعة مشتركة بين جميع الديانات رغم الاختلاف في ذلك، لكن مبدأ الصيام في حد ذاته مبدأ إنساني".
وتابع: "الصيام يأتيه الكثير من الأشخاص من أصحاب المبادئ والمواقف، للتعبير عنها".
وأوضح قائلا: "كما هو الحال بالنسبة للسجناء الفلسطينيين الذين يعبرون عن التمسك بمواقفهم بالامتناع والإضراب عن الطعام لأيام طويلة، والكثير منهم يثير العجب من هؤلاء الذين يجلدونهم ويحبسونهم، حيث يقولون: هم في هذه الوضعية أقوى منا إرادة ونفسية وفرضوا احترامهم".
وخلص إلى أن "الصيام هو أسلوب من أساليب إثبات الذات والتعبير عن الرأي والفكر وعن البقاء على ذلك، ولا أحد ينكر الصيام وأهميته في أية وجهة سواء المتدينين أو المناضلين المدافعين عن مبادئهم".
** آلام الآخرين
وقال بن حمزة: "يجب أن نرفع في أنفسنا المعاني التي أرادها الإسلام، بما يفضي إلى الشعور بآلام الآخرين في رمضان، وبخاصة الأقارب الذين ندرك أنهم لا يستطيعون الوصول إلى الضروريات، في وقت يمكننا نحن أن نشتري كل شيء".
وأضاف: "يجب أن نتعفف في الشراء حفاظا على القدرة الشرائية للفقراء، فأثمنة السلع يحكمها قانون العرض والطلب، وما يزيد عن حاجتك هو ضروري بالنسبة للآخرين".
وأفاد قائلا: "هذا النهم والشره ليس الإسلام مسؤولا عنه، المسؤول هي أجهزة البيع والشراء، هذه الأجهزة التي أضحت تصل إلى ايهام الناس أن سعادتهم في أفضل سيارة وأفضل الأشياء، وبلغ الأمر حد إزالة ذوق الاختيار".