الساحة السياسية مشحونة بالتوترات، فالعام الحالي يشهد انتخابات في العديد من دول العالم، حيث تُستغل السياسة الداخلية كوقود للسياسة الخارجية. ويمكن أن تندلع صراعات مسلحة جديدة في أي لحظة. وحتى التوترات الداخلية وصلت إلى أقصى حد.
في الأيام القليلة الماضية، شهدنا حملة شرسة ضد الإسلام أدت إلى اقتحام أحياء الأقليات المسلمة، في أحداث عنف واسعة النطاق شهدتها إنجلترا للمرة الأولى منذ 13 عامًا، حيث هاجم مئات المتظاهرين، بينهم نساء وأطفال، فنادق وأحياء يسكنها لاجئون من إفريقيا والشرق الأوسط.
بدأت هذه الاضطرابات عقب مقتل ثلاث فتيات في شمال ساوثبورت، حيث انتشرت شائعات كاذبة ومحرضة على وسائل التواصل الاجتماعي تزعم أن القاتل هو مهاجر مسلم، مما أدى إلى اندلاع أعمال شغب في العديد من المدن والبلدات. وتزامن هذا مع اغتيال إسرائيل لهدف في إيران، فما هذا التوقيت؟
من المرجح أن نفس الأشخاص الذين يقفون وراء هذه الحملة الإعلامية هم من قاموا بمنع الحديث عن الاغتيال الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي. فهل يمكننا أن نعتبر هذا مجرد صدفة؟
وبالمناسبة، بما أنني أكتب هذا المقال وأنا في لندن، يمكنني أن أؤكد لكم أن الشكل الذي اتخذته الأحداث في قيصري مؤخرًا مطابق تمامًا للحملة التحريضية التي استهدفت المسلمين في بريطانيا.
ألا يبدو أن هذه الأحداث وكأنها مخطط لها بعناية بنفس العقل ونفذت بنفس الأيدي؟ أليس الأمر وكأنها نفس الكتابة على نفس لوحة المفاتيح؟ الفوضى تعم العالم الإسلامي.
خرج طلاب بنغلاديش إلى الشوارع لأسابيع، وأطاحوا بحكومة الشيخة حسينة المؤيدة لإسرائيل والهند. كانت حسينة، بتوجيهات من الهند وإسرائيل، قد أعدمت معظم القادة الإسلاميين في البلاد وسجنت البقية. هل يمكن أن تكون نفس الأيادي التي تضغط على لوحة المفاتيح هي من تقف وراء هذه الأحداث؟
وفي هذه الأثناء، بدأت تنتشر أنباء عن اتفاق بين باكستان وإيران لتزويد الأخيرة بصواريخ بعيدة المدى. لسنا متأكدين من صحة هذه المعلومات. ولكن نشر مثل هذه المعلومات قد يكون من عمل العقل الذي يجلس خلف لوحة المفاتيح. فهل من الممكن أن تكون هذه محاولة لخلق ضغوط على باكستان عبر حملة تضليل؟ نعم ممكن.
انهيار مفاجئ في الأسواق
أدت التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، الناتجة عن الاغتيال الإسرائيلي في إيران، وهجوم إسرائيل على الدول المجاورة في محاولة لشن حرب إقليمية، إلى جانب توقعات بدخول الولايات المتحدة في ركود، في حدوث انهيار حاد في الأسواق العالمية.
وبعد أن أغلقت الأسواق الأسبوع الماضي على انخفاض حاد بسبب هذه الأسباب، استمرت الخسائر في الارتفاع في بداية الأسبوع الجديد. وعلى وقع هذه التطورات شهدت بورصة اليابان أسوأ يوم لها خلال الـ37 عاماً الماضية. وقد أدت موجة البيع التي بدأت في اليابان إلى تأثير واسع شمل جميع بورصات العالم بما في ذلك تركيا.
ويواجه البنك الفيدرالي الأمريكي ضغوطا لتخفيض أسعار الفائدة، عبر عقد اجتماع طارئ، رغم تباهيه بقدرته على التنبؤ وقيادة السوق. وحتى لو لم يعقد البنك الفيدرالي اجتماعاً غير مخطط له، فإن السوق تسعى لضمان خفض الفائدة، ويُحتمل أن اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية أحد العوامل المؤثرة في هذا السياق.
هل يغلق باب تجارة الفوائد "كاري تريد"؟
عقب قرار بنك اليابان المركزي برفع أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، انعكست مراكز تداول "كاري"، وتشير التقديرات إلى أنه تم سحب حوالي نصف حجم السوق العالمي.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أن المتداولين الذين كانوا يقترضون الين للتداول بعملات أخرى، قد بدأوا في إغلاق تلك المراكز والعودة إلى شراء الين، كما هو الحال في الليرة التركية، مما أدى إلى زيادة سريعة في قيمة الين الياباني.
بعد كل هذه التطورات، ارتفع مؤشر "فيكس" للخوف، الذي يقيس مستوى التقلب العالمي، إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات متجاوزاً حاجز الخمسين، ورغم تراجعه في الأيام التالية، إلا أنه لم يعد إلى مستوياته السابقة.
الحرب التي بدأت في أوكرانيا مع روسيا تستمر الآن بارتكاب مجزرة غزة. وربما تشهد الفترة المقبلة فتح جبهة جديدة بين بنغلاديش وباكستان والهند. ولكن يمكن اعتبار كل هذه الخطوات المتخذة كمحاولة لنقل الحرب بعيداً عن القارة الأوروبية.
فأوروبا لديها خبرة في الحرب، ولا ترغب في أن تفتح دول الجوار في الأطلسي جبهات جديدة للحرب على حدودها مباشرة. ورغم ذلك تقوم الولايات المتحدة أو الناتو بتزويد بولندا والتشيك بأسلحة هجومية، وليس دفاعية.
وقد تجد روسيا نفسها مجبرة على الدخول في الحرب مجددًا، كما حدث في أوكرانيا، حيث يبدو أن هناك محاولة لتطويقها. فالهدف الأساسي هو تقاسم موارد روسيا.
الأوضاع في فنزويلا متدهورة. وفي بلد غني بالمواد الخام الأساسية للحرب (النفط)، أرى أن الغرب يسعى للإطاحة بمادورو رئيس فنزويلا المعارض لهم. ويتم إحداث ضجة عبر التشكيك في نزاهة الانتخابات التي فاز بها مدورو بفارق ضئيل، حيث تعج الصحافة البريطانية بأخبار وتقارير تؤكد تزوير الانتخابات من قبل مادورو.
لقد مرت عشرة أشهر على صمت العالم تجاه مجزرة غزة، حيث فضّلت المؤسسات السياسية في العديد من الدول الغربية ودول أخرى، تجاهل ضمير الشعوب والسكوت عن هذه الجريمة. فهل أدى هذا إلى تحولات كبيرة؟ ربما.
وفيما يتعلق بمجزرة غزة وعمليات الاغتيال، تم حظر أحد مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت تُستخدم لتنفيذ عمليات سياسية داخل البلاد وخارجها. ولكن سرعان ما جاء الرد من المعارضة وأقلام الغرب. حيث طالبوا بفرض عقوبات أخرى بدل الحظر، دون أن يقدّموا بدائل واضحة.
هذه المرة، يتم تبرير هذا الإجراء بحجة أن المشاهير يستخدمون هذه المنصة لأغراض تجارية، بالإضافة إلى تقييد حرية التعبير. لكن هؤلاء الأشخاص لم يصدروا أي صوت عندما تم تقييد حرية التعبير في تركيا وفي أوساط المسلمين قبل أيام قليلة. لماذا؟ هل يحصلون أيضاً على توجيهات أو عائدات من نفس الجهة؟
ورغم احتضان تركيا لعناصر غير وطنية في السياسة الداخلية، إلا أنها تظل متمسكة بالعقلانية والاعتدال. وتسعى للحفاظ على نهج معتدل وتجنب الصراعات. إن الحفاظ على هذا الموقف مهم للغاية، حيث يجب أن تبذل كل الجهود لمنع اندلاع حرب في منطقتنا.
و تستعد تركيا لاحتمال نشوب حرب. فقد ناقش اجتماع لجنة الصناعات الدفاعية أمس مشروع "القبة الفولاذية، وهو مشروع وطني يهدف إلى دمج أنظمة الدفاع الجوي وأجهزة الاستشعار والأسلحة في شبكة موحدة لتعزيز القدرات الدفاعية، ويستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين اتخاذ القرارات وتوفير صورة جوية مشتركة في الوقت الفعلي.
وتتحدث وسائل الإعلام العالمية عن تخزين الصين للمواد الغذائية والسلع الأساسية، في حين تتحدث وسائل الإعلام اليونانية عن استعدادات مماثلة في تركيا.
العالم يشهد حالة من الفوضى، والسؤال الأهم الآن: ما هي الخطوة التالية؟
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة