القوى النشطة تبدأ بالتحرك في سوريا.. أمريكا دمرت البلاد وعليها الانسحاب.. إيران فرضت سيطرتها ويجب أن تغادر.. المواجهة الكبرى شرق الفرات.. تركيا تتولى الحماية والمعارضة توحد صفوفها

23:085/12/2024, الخميس
تحديث: 6/12/2024, الجمعة
إبراهيم قراغول

أقوى قوة إقليمية تنزل إلى الميدان. تعد تركيا اليوم القوة الأكبر والأكثر حيوية في محيطها القريب والدائرة الأوسع نطاقًا. تأثيراتها العالمية تتجاوز بكثير ما يمكن توقعه. لا الدول الإقليمية ولا القوى الخارجية القادمة إلى المنطقة تمتلك هذا المستوى من القوة والنفوذ، ومن غير المرجح أن تكتسبه مستقبلًا، حيث إن الرياح قد غيرت اتجاهها بالفعل، ومن الواضح أنها ستستمر في هذا المسار. لقد أظهرت تركيا قوتها وحيويتها في ليبيا، الصومال، البلقان، الخليج العربي، المحيط الهندي، ومعظم أنحاء إفريقيا. كما حشدت إمكانياتها

أقوى قوة إقليمية تنزل إلى الميدان. تعد تركيا اليوم القوة الأكبر والأكثر حيوية في محيطها القريب والدائرة الأوسع نطاقًا. تأثيراتها العالمية تتجاوز بكثير ما يمكن توقعه.

لا الدول الإقليمية ولا القوى الخارجية القادمة إلى المنطقة تمتلك هذا المستوى من القوة والنفوذ، ومن غير المرجح أن تكتسبه مستقبلًا، حيث إن الرياح قد غيرت اتجاهها بالفعل، ومن الواضح أنها ستستمر في هذا المسار.

لقد أظهرت تركيا قوتها وحيويتها في ليبيا، الصومال، البلقان، الخليج العربي، المحيط الهندي، ومعظم أنحاء إفريقيا. كما حشدت إمكانياتها الدفاعية وتقنياتها من جنوب آسيا إلى سواحل الأطلسي. ومع ذلك، فإن الاعتقاد بأن تركيا قد تضعف عند نقاط حدودها المباشرة يعكس قصورًا سياسيًا كبيرًا. هذا التصور كان خطأً فادحًا في الحسابات، ولا يزال البعض يقع فيه.


القوى الجديدة الفاعلة في سوريا تدخل الساحة


2- القوى المحلية التي قامت تركيا بتدريبها وتجهيزها، من وحدات عسكرية وعناصر محلية، أصبحت اليوم أقوى القوى المؤثرة في سوريا. فهذه الهياكل، التي خضعت لتدريب وانضباط القوات المسلحة التركية وتم تجهيزها بأحدث الأسلحة، بدأت للتو في الظهور بكل قوتها.

ستتخذ هذه القوى مكانها على الساحة كـ"القوى الجديدة الحاكمة في سوريا"، وستكون القوة الوحيدة القادرة على توحيد البلاد.

وفي ضوء الإرهاق الذي أصاب إيران، والصعوبات التي تواجهها روسيا في أوكرانيا، واستنزاف نظام دمشق وعجزه عن المواجهة، يمكن التنبؤ بمستقبل سوريا بصورة أكثر وضوحًا.

إيران تستولي على سوريا وتحتلها: خدعة "تصفية الحساب مع إسرائيل"!


3- لم تدعم إيران النظام السوري فعليًا، بل استولت على سوريا واحتلتها. ارتكبت مجازر وحشية باستخدام ميليشيات شيعية وتنظيمات إرهابية، ودفعت بالسكان السنة إلى التهجير القسري، ودمرت المدن بشكل ممنهج. ولم تحقق أي دولة أو شعب في منطقتنا الاستقرار في ظل تدخلات إيران، بل تعرضت لكوارث ودمار واسع النطاق. بات الضرر الذي ألحقته إيران بالمنطقة منافسًا لما أحدثته إسرائيل.

كانت إيران العامل الأساسي في تدمير سوريا؛ إذ أخذت النظام رهينة، وسيطرت على البلاد، واستغلت شعار "تصفية الحساب مع إسرائيل" لتضليل الشعوب، مما دفع سوريا إلى خراب كارثي.


شعار "مؤامرة أمريكا وإسرائيل": لماذا تتطابق الأطروحات الأمريكية والإيرانية إلى هذا الحد؟


بدأ نفوذ إيران يضعف بشكل واضح في المنطقة بأكملها، وحتى داخل حدودها. ونرى الآن النتائج الكارثية لهذا الضعف في سوريا.

أولئك الذين تصوروا أنفسهم "حكام سوريا" عجزوا عن مواجهة المعارضة، واضطروا إلى التخلي عن المدن والبلدات والقرى. يظهر الانهيار الواضح لأطروحة "إيران الإقليمية" بشكل صارخ في سوريا اليوم.

إيران، التي اختبأت وراء شعار "مؤامرة أمريكا وإسرائيل"، ساهمت في نقل سياسات الاحتلال الغربي إلى المنطقة، مما تسبب في أزمات كبيرة لجميع دولها، بما في ذلك تركيا.

ورغم ذلك، لا تزال هناك شريحة واسعة، حتى في تركيا نفسها، تتحرك وفق الأطروحات الإيرانية وتعتمد التفكير النمطي المروج له. وعند النظر إلى الموقف من المعارضة السورية، نجد أن الأطروحات الأمريكية والإيرانية متطابقة تمامًا، دون أي اختلاف يُذكر.


حلب وإيران.. انهيار المشروع الطائفي الجغرافي


انتهى الطريق بالنسبة لإيران في سوريا، فهي قوة احتلال، ولم يسأل أحد بصدق: "ما الذي تفعله إيران في حلب؟" لكن الآن بدأت هذه التساؤلات تُطرح. حلب، التي تمثل نقطة الصفر لتركيا، أين تقع على خريطة إيران؟

سوريا التي تقع جنوب تركيا، هل لديها حدود مع إيران؟ يجب أن ينتهي مشروع إيران الجغرافي القائم على الطائفية.


والآن يقولون: "إذا طلبت الحكومة السورية، سنرسل قوات إلى سوريا"، وكأن هناك فعلاً حكومة سورية قائمة. وكأنهم ليسوا من دمّروا بلداً بأسره، واحتلّوه، ورهنوه لعقود. لقد بلغ هذا التوحّش مداه. إذا أقدموا على ذلك مجددًا، فهذا يعني أنهم يخططون لارتكاب مجازر كما حدث في عام 2016. ولا ينبغي السماح بذلك تحت أي ظرف.


انهيار نظام دمشق.. الجيش السوري بلا أمل ولا يقاتل

يمكننا الآن القول إن نظام دمشق قد انهار. الشعب السوري لم يعد يؤمن بأن بشار الأسد ونظامه قادرون على الحفاظ على وحدة البلاد. السبب وراء انسحاب الجيش السوري من حلب والعديد من المناطق الأخرى، وتخليه عن أسلحته، هو فقدان هذا الإيمان.


الدبابات تُترك خلفهم، الطائرات، المدافع، الصواريخ، كل ذلك يتخلون عنه ويفرّون. لا يدافعون حتى عن القواعد العسكرية، المطارات، ومستودعات الذخيرة.

إنهم لا يريدون القتال، لقد أنهكتهم الحرب. تعبوا، سئموا، انهاروا، وفقدوا الأمل. لقد أدركوا أنهم لن يصلوا إلى أي مكان من خلال هذا المسار. كما أدركوا أن أطماع إيران لن تنقذهم.

اللاذقية وطرطوس.. ربما فرصة أخيرة

لا يمكن بناء شيء على هذا الانهيار. هذا الهيكل المتعفن لا يمكن إعادته للحياة. لا مستقبل لسوريا في ظل فكر دمشق/البعث. لقد أضاعوا الفرصة.

قُدّمت لهم العديد من العروض، وطرحت اقتراحات للتحول عبر شراكة "سورية". لكنهم رفضوا. اعتقدوا أن بإمكانهم السيطرة على كل شيء عبر دولة استخباراتية ونظام قائم على حكم الأقلية. هذا هو جوهر فكر البعث، فكر مريض.

لكنهم خسروا كل شيء. إذا تمكنوا من البقاء في اللاذقية وطرطوس، فسيكون ذلك بمثابة حظ كبير بالنسبة لهم، ومع ذلك، فإن هذا الوضع ذاته محفوف بالمخاطر. الآن تُمنح لهم فرصة أخيرة، أمل أخير: يُقال لهم "تخلوا عن إيران، تصالحوا مع شعبكم، تحركوا لتوحيد سوريا، اجلسوا إلى طاولة الحوار."

لكنني واثق أنهم لن يستغلوا هذه الفرصة، ولن يتمكنوا من ذلك. إيران ستقف عائقاً أمامهم مجدداً


على النظام السوري أن يمسك بيد تركيا الممدودة

يجب على النظام السوري أن يمسك بيد تركيا الممدودة. هذه هي الفرصة الأخيرة لبشار الأسد. عليه الجلوس إلى طاولة الحوار، وتأمين وحدة سوريا بالتعاون مع تركيا. لأن لا دولة أخرى غير تركيا قادرة على الحفاظ على وحدة سوريا وحمايتها. فقط تركيا، وبكل صدق وإخلاص، تفهم المسألة وتتحرك على هذا الأساس.

التحرك عبر ثلاثة محاور.. سوريا تُعاد هيكلتها من جديد

إعادة بناء سوريا من البداية: سوريا تخضع لعملية إعادة هيكلة شاملة. الأزمة التي استمرت 13 عاماً دون حل تُعاد معالجتها من الأساس، ويتم إعادة ترتيب الأطراف وتحديد موازين القوى من جديد، مما دفع الجميع للنزول إلى الميدان.

المعارضة تتحرك على ثلاثة محاور: بعد حلب، هناك محور حماة/دمشق، ومحور اللاذقية/الساحل، بالإضافة إلى محور منبج وشرق الفرات. هناك فرصة للنجاح، ولكن بدءاً من هذا الأسبوع ستتصاعد ضغوط الولايات المتحدة، إسرائيل، بريطانيا، روسيا، السعودية، الإمارات، وبالطبع إيران.

رغم تأكيد روسيا على استمرار دعمها السياسي للنظام السوري، إلا أن سحبها لبعض قواتها، وامتناعها عن شن هجمات جوية كبيرة كان يخشاها الجميع، بالإضافة إلى إعادة تموضع قواتها البرية والجوية، كلها أمور لافتة للنظر. حتى أن هناك تقارير تشير إلى سحبها سفنها من ميناء طرطوس.

بطبيعة الحال، يجب أخذ تأثير الأزمة الكبرى بين روسيا والولايات المتحدة وأوروبا، التي وصلت إلى حد التلويح بالخيار النووي، بعين الاعتبار.


الجميع سيضطر للجلوس مع المعارضة على طاولة الحوار

يجب أن يُدرك الجميع الآن أن المعارضة، وليس النظام، هي الطرف الوحيد القادر على توحيد سوريا.

يجب أن يواجه الجميع حقيقة أنهم سيضطرون إلى الجلوس مع المعارضة على طاولة المفاوضات. أما إذا تم إجهاض هذه الفرصة، فإن البلاد ستنقسم بشكل كامل، ولن يكون الانقسام في حلب ودمشق، بل في شرق الفرات. وهذا كان الهدف الأساسي وراء إشعال الحرب منذ البداية.


في هذه المرحلة، على روسيا أن تتصرف بذكاء، وأن تبتعد عن دعم نظام الأسد، وألا تتبع إيران في سياساتها، بل تبدأ حواراً مع المعارضة.

لأنه بدون ذلك، لن تتمكن روسيا من الحفاظ على أي موطئ قدم لها في سوريا. أما إيران، فإنها بسبب تطرفها الطائفي ستتحول إلى الخاسر الأكبر في سوريا.

المواجهة الحاسمة في شرق الفرات!

ستجري المواجهة الحاسمة في شرق الفرات. مهما حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل، لن تتمكنا من تنفيذ مخطط "تقسيم الخريطة" في هذه المنطقة.

مهما كانت السيناريوهات، لا يمكن السماح بتقسيم البلاد بأي شكل من الأشكال. لأن تقسيم سوريا يعني بداية تقسيم تركيا.

لطالما كان للولايات المتحدة هدف واحد: تفكيك سوريا ورسم خريطة جديدة على جزء من أراضيها. وهذا هو مصدر الغضب الأكبر لتركيا. ولهذا السبب، فإن الصراعات الميدانية بين المعارضة والنظام وتنظيم بي كي كي/واي بي جي الإرهابي ستتحول الآن إلى مواجهات بين الدول وحسابات قوة على الأرض.


تركيا لا يجب أن تتوقف!

لهذا السبب، يجب على تركيا، القوة الديناميكية في المنطقة، ألا تتراجع أو تتوقف.

يجب أن تتجنب الوقوع في فخ الألاعيب الدبلوماسية على طاولات المفاوضات، وألا تسمح باستخدام أساليب "الإبطاء أو التعطيل أو الشلل الداخلي" لإضعاف موقفها.

يتعين عليها كسر كل الحسابات القذرة التي تُدار من الداخل والخارج.

#تركيا
#سوريا
#تحرير حلب
#تحرير حماه
#تحرير دمشق
#تحرير حمص
#سوريا وتركيا
#روسيا