- الحركة تأسست على يد الحاخام شنيؤر زلمان ملادي عام 1788 في بيلاروسيا وتنتشر في أكثر من 110 دول - أعضاء في الحركة أدوا طقوسًا تلمودية في قرية "حضر" داخل الأراضي السورية - عائلة كوشنير صهر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تبرعت بعشرات الملايين من الدولارات للحركة - جنود إسرائيليون من "حباد" رفعوا راية للحركة على أحد المنازل في شمال قطاع غزة
عقب ثلاثة أيام فقط من الإعلان عن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، أدى عدد من الحاخامات من حركة يهودية تطلق على نفسها اسم "حباد" صلوات وطقوسا تلمودية في قرية "حضر" الواقعة في المنطقة العازلة بمرتفعات الجولان بين إسرائيل وسوريا.
الموقع الرسمي للحركة اليهودية المتطرفة، أكد في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن مجموعة من أتباعها أدوا صلواتهم مع أطفالهم في الأراضي السورية، التي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية مؤخرًا.
** البنية الأساسية
هي واحدة من أكبر الحركات الحسيدية المعروفة حول العالم، بل أكبر وأقدم منظمة يهودية، فقد تم تأسيسها على يد الحاخام شنيؤر زلمان ملادي، عام 1788.
ونشأت الحركة في بيلاروسيا في قرية لوبافيتش، حيث يشار إليها على أنها "حركة لوبافيتش"، نتيجة لارتباط اسمها بـ"اللوبافيتشر ربي"، أو "حاخام لوبافيتش".
انتقلت إلى لاتفيا، ومنها إلى بولندا، ثم إلى مدينة بروكلين بنيويورك الأمريكية، عام 1940، حيث يقع مقرها الرئيسي.
و"حباد" اختصار عبري للقدرات الفكرية الثلاث "الحكمة، الفهم، المعرفة"، وهي حركة متطرفة، تزعم اهتمامها بالحاجات الروحية والمادية لجميع اليهود حول العالم وتعمل على تعزيز ارتباطهم بطقوس اليهودية وعقيدتها، بحسب موقعها الإلكتروني.
يؤكد الموقع نفسه أن الحركة تعد "القوة الأكثر ديناميكية في الحياة اليهودية اليوم"، وهي عبارة عن "فلسفة وحركة وتنظيم" في آن واحد.
ويزعم الحاخام شنيؤر زلمان ملادي في كتاب "هاتانيا" والمعروف باسم "دستور حركة حباد"، بأن "الأغيار مخلوقات بهيمية شيطانية وخالية من الخير، وأن ثمة اختلافًا جوهريًا بين اليهودي وغير اليهودي، ووجود الأغيار في العالم أمر عارض، فقد خُلقوا من أجل خدمة اليهود".
** "حباد" والجولان السوري
وتداولت وسائل الإعلام العبرية شريط فيديو يظهر فيه مجموعة من أتباع "حباد" وهم يتلون سفر "هتانيا"، وهو النص الديني الذي أسسه مؤسس الحركة، الحاخام شنيؤر زلمان ملادي.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أكد الموقع الإلكتروني للحركة، أن هذه الواقعة "تعد سابقة تاريخية، خاصة مع إعلان اليهود إقامة أول بيت لـ"حباد" داخل الأراضي السورية، وتحديدا داخل قرية حضر الواقعة بريف القنيطرة الشمالي".
وأكد اليهود الذين تلوا سفر "هاتانيا" داخل الأراضي السورية، أنهم "جاءوا ليحتلوا الأرض ويستقروا فيها"، بزعم أن "هذه الأرض كلها لنا لنبقى ونستقر فيها".
واستغلت إسرائيل إسقاط نظام بشار الأسد وأعلنت انهيار اتفاقية فصل القوات لعام 1974 ووسَّعت احتلالها لهضبة الجولان باحتلال المنطقة العازلة.
ويعيش في الجولان السوري حوالي 50 ألف نسمة، نصفهم من المستوطنين اليهود ونصفهم من الدروز والعلويين وغيرهم، وفق صحيفة "هآرتس" العبرية.
ويضم الجولان السوري المحتل مجلس محلي يهودي يسمى "كتسرين" والمعروف باسم "عاصمة الجولان"، ويضم 7700 مستوطن، كما توجد 33 مستوطنة يهودية أخرى في الجولان المحتل مدمجة فيما يسمى بالمجلس الإقليمي الجولان.
من هنا، فقد أعرب اليهود عن سعادتهم الغامرة بإعلان إقامة بيت لـ"حباد" في سوريا، حيث يظهر الحاخام شالوم بير هرتزل، أحد سكان هضبة الجولان السورية المحتلة، في شريط الفيديو وهو يتحدث عن ذلك، واصفًا المشهد بـ"التاريخي".
وقال: "لأول مرة على الإطلاق، قمنا بافتتاح فرع بيت حباد في سوريا، ونحن موجودون في أرض داخل سوريا نقيم أول معبد يهودي في قرية حضر، وقوات الجيش الإسرائيلي تتواجد خلفنا في جبل الشيخ الذي احتلته قبل أيام قليلة".
** تطرف "حباد"
المستوطنون في الضفة الغربية والقدس المحتلة، يتبنون أفكار الحركات اليهودية والصهيونية وينفذونها على الفلسطينيين فيها بزعم أن هؤلاء "مجرد خدم لليهود"، وهذا أحد أهم أسس حركة "حباد".
يؤكد المفكر وعالم الاجتماع المصري عبد الوهاب المسيري في موسوعته "اليهود واليهودية والصهيونية"، أن أعضاء حباد يعتبرون بأن الحاخام مناحيم مندل سكهنيرسن (1902 – 1994)، أحد أبرز الشخصيات اليهودية في القرن العشرين.
ويعتقد الكثيرون من أتباع "حباد" أن سكهنيرسن هو "المسيح المنتظر"، وبعضهم لا يعترف بموته الجسدي.
تنتشر الحركة، حالياً، في أكثر من 110 دول حول العالم، إلى جانب الولايات المتحدة، حيث أشارت القناة "العاشرة" العبرية، في الأول من ديسمبر 2024، أن المئات من اليهود انضموا إليها خلال العام الماضي فقط، من أنحاء العالم، إضافة إلى 100 يهودي داخل إسرائيل وحدها.
يبلغ عدد فروع الحركة أو ما تطلق عليه "البيوت الدينية" حوالي 3500 فرعًا حول العالم، تقدم ورش عمل خاصة بالديانة اليهودية، وتقيم الدروس والمحاضرات، وتدعي أن اهتمامها ينصب على الحاجات الروحية والمادية لجميع اليهود.
** "حباد" والضفة
أعلن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، تبرعه وشقيقه بمليوني دولار لحركة حبد عقب قتل الحاخام تسيفي كوغان في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في دبي، العضو في الحركة، وهذا الإعلان أعاد تسليط الضوء على الحركة المتشددة.
وبحسب القناة السابعة العبرية، في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فإن إعلان كوشنر ربما يعيد التأكيد على مدى العلاقة القوية بين عائلة كوشنر، المتشددة دينيًا، وحركة "حباد".
وأوضحت القناة أن العائلة تبرعت بعشرات الملايين من الدولارات لحركة "حباد"، بقيادة تشارلز والد جاريد، مشيرة إلى تبرعه لحركات ومؤسسات صهيونية أخرى داخل وخارج إسرائيل.
في هذا السياق، لا يمكن نسيان أن كوشنر شارك في صياغة "صفقة القرن" مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في العام 2020، ليتبين مدى تأثر أو ارتباطه بحركة "حباد" وعلاقة الحركة المتطرفة بخروج تلك الصفقة.
وأكد مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، في دراسة نشرت، في يناير 2020، أن كوشنر "التقى بقادة الأحزاب الصهيونية، قبيل صياغته لصفقة القرن".
وتقضي الصفقة باستمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة إلى إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة تحت السيادة الإسرائيلية.
ويشير الموقع الرسمي لحركة "حباد" إلى رفضها فكرة التنازل عن الأرض مقابل السلام، وهي تشكك في إمكانية التوصل إلى سلام بين إسرائيل والعرب.
وتدعى الجماعة المتطرفة أن الحفاظ على حيازة الأراضي التي احتلت في حرب عام 1967 أمر ضروري ليس فقط لمنع الهجوم، ولكن للحماية من "الإرهاب".
لذلك فأعضاء الحركة يدعون إلى البقاء في البلدات التي دخلها الجيش الإسرائيلي وسيطر عليها في الجولان والمنطقة العازلة.
وفي السياق ذاته، أكد مراسل "الأناضول"، في 15 ديسمبر الماضي، أن إسرائيل احتلت قرية جملة بمحافظة درعا وقريتي مزرعة بيت جن ومغر المير التابعتين لمحافظة ريف دمشق.
** "حباد" وغزة
كما أعلن أعضاء من الحركة إعلان إقامة أول بيت لـ"حباد" في سوريا، فإن أحد جنود الجيش الإسرائيلي، رفع لافتة للحركة على منزل فلسطيني في بلدة بيت حانون شمال القطاع، معلنًا إقامة أول "بيت" لها في القطاع.
وأشارت القناة "14 العبرية" في 6 ديسمبر 2023، إلى أن بعض جنود الجيش الإسرائيلي رفعوا لافتة مكتوبة باللغتين العبرية والإنجليزية تقضي بإقامة هذا البيت.
ولفتت القناة إلى أن "الجنود التابعين للحركة قاموا بأنشطة مختلفة في غزة، مثل أداء صلوات تلمودية وتوزيع الكعك وحمل الشمعدان اليهودي"، مضيفة أن الحركة "نادت باستيطان القطاع، كما دعت إلى استيطان ما استولى عليه الجيش في سوريا".
لم يكتف الجنود الإسرائيليون بذلك، بل رفعوا راية الحركة ذات اللون الأصفر، التي تمثل بتاج أزرق وتحته عبارة "ماشيَّح" بالعبرية.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 156 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.