هل ستطال سياسة الإبادة الجماعية الصهيونية أوروبا؟

08:3818/11/2024, الإثنين
تحديث: 18/11/2024, الإثنين
سلجوك توركيلماز

إن سعي بريطانيا والولايات المتحدة، بمساندة بعض الدول الأوروبية، للتوسع عبر الكيان الاستعماري الإسرائيلي، أسفر عن نتائج مدمرة في العالم الإسلامي. وبالطبع لم يكن ظهور إسرائيل ككيان يقوم على أيديولوجيا هدامة أمراً جديداً، ولكن بدء الهجمات العسكرية في عام 1991، والتي يمكن وصفها بـ"الحملة الصليبية الجديدة"، كشف عن نية واضحة لاستهداف قلب العالم الإسلامي. و استمرت هذه الحملة الاستعمارية لما يزيد على ثلاثين عامًا، مشكّلة حقبة جديدة وطويلة من الاحتلال. ومن الواضح أن فهم هذا الوضع من خلال النظرة التقليدية

إن سعي بريطانيا والولايات المتحدة، بمساندة بعض الدول الأوروبية، للتوسع عبر الكيان الاستعماري الإسرائيلي، أسفر عن نتائج مدمرة في العالم الإسلامي. وبالطبع لم يكن ظهور إسرائيل ككيان يقوم على أيديولوجيا هدامة أمراً جديداً، ولكن بدء الهجمات العسكرية في عام 1991، والتي يمكن وصفها بـ"الحملة الصليبية الجديدة"، كشف عن نية واضحة لاستهداف قلب العالم الإسلامي. و استمرت هذه الحملة الاستعمارية لما يزيد على ثلاثين عامًا، مشكّلة حقبة جديدة وطويلة من الاحتلال. ومن الواضح أن فهم هذا الوضع من خلال النظرة التقليدية للصراع بين الشرق والغرب لم يعد كافيًا؛ فنحن أمام حالة أكثر تعقيدًا بكثير، وتجلى ذلك بوضوح بعد أحداث 7 أكتوبر الأخيرة.

ولكن حتى الآن، اقتصرت الدراسات على تقييم الآثار المدمرة للسياسات التوسعية لبريطانيا والولايات المتحدة على قلب العالم الإسلامي. لكننا اليوم نشهد تصاعداً ملحوظاً في العداء ضد الإسلام والمسلمين في العديد من الدول الأوروبية، بالتزامن مع تصاعد التيارات المعادية للأجانب. وهذا يدل على أن هذه "الحملة الصليبية الجديدة"، التي استمرت لأكثر من ثلاثة عقود، قد امتدت تأثيراتها إلى نطاق أوسع بكثير. وبالتالي، يمكننا استنتاج أن التحالف البريطاني الأمريكي قد تسبب في أحداث مدمرة ليس فقط في قلب العالم الإسلامي، بل أيضاً في الدول الأوروبية.

عندما رد الفلسطينيون في 7 أكتوبر على جميع اعتداءات إسرائيل بحركة مفاجئة وصادمة، لا أدرى إذا كانوا قد اعتقدوا أن ذلك قد يهز التوازنات السياسية العالمية بشكل عميق. إننا حقًا نود معرفة إجابة هذا السؤال. ولكن بغض النظر عن ذلك، فإن التوازنات السياسية العالمية قد تزعزعت بشكل عميق بالفعل. ومن المهم للغاية أن نلاحظ أن عدداً من الدول الأوروبية الرئيسية، باستثناء إسبانيا وبعض الدول الأخرى، قد أظهرت ولاءً للإيديولوجية الصهيونية، رغم العدوان الإسرائيلي غير الأخلاقي الذي لا يعترف بأي قيم أو قواعد. وكانت هذه الدول تدعم الصهيونية وإسرائيل منذ بدايتهما، لكن في القرن العشرين، نجحوا في تبرير دعمهم للصهيونية وإسرائيل من خلال سرد التاريخ اليهودي، مما أدى إلى تحريف الواقع.

ولكن الشهيد يحيى السنوار ورفاقه قاموا بكسر قواعد اللعبة، وضحّوا بكل شيء ليظهروا للعالم الهدف النهائي والوجه القبيح للصهيونية وإسرائيل. بات واضحاً أن الجرائم الإنسانية مثل الإبادة الجماعية ليست مجرد أحداث آنية، بل هي جزء من سياسات ممنهجة تهدف إلى تدمير الفلسطينيين وتجريدهم من أراضيهم. ولولا مقاومة الفلسطينيين لمدة تجاوزت العام، لكانت هذه الجرائم قد تم إخفاؤها وطمسها مجددًا بفضل دعاية الصهيونية كما جرت العادة في مثل هذه الحالات. لكن مقاومة الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر أثبتت أن تلك الحركة المفاجئة والصادمة لم تكن عشوائية أو بلا أساس. ورغم الدمار والخسائر الهائلة التي تعرضوا لها، فقد أصبح قضية إسرائيل مشكلة حقيقية على الساحة العالمية يجب أن تواجهها البشرية جمعاء.

بعد السابع من أكتوبر، بدأ النظر إلى حقيقة إسرائيل والصهيونية من زاوية مختلفة تمامًا. وليس من المبالغة وصف ما يحدث بأنه حملة صليبية جديدة. لا شك أن هذه الرؤية هي إحدى نتائج انتشار السخط العميق ضد الدول التي تشكل محور تحالف إسرائيل مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة في قلب العالم الإسلامي. وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك، ويتوقع أن يتحول هذا السخط إلى موجة ثورية عارمة.

ولكني أعتقد أن آثار هذه الأحداث لن تقتصر على العالم الإسلامي وحده. فالدول الأوروبية التي شاركت في تحالف إسرائيل، حيث ستتعرض للاضطراب العميق نتيجة لتأثير جرائم الإبادة الجماعية الحالية. إن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، مثل أعمال الإبادة الجماعية، ستؤدي إلى زعزعة استقرار هذه الدول. ويبدو أن العدوان الصهيوني قد بدأ بالفعل يؤثر على المدن الأوروبية. ورغم محاولات البعض تفسير أعمال العنف والإرهاب التي ارتكبها مثيرو الشغب مشجعو مكابي تل أبيب في أوروبا على أنها "لعبة يهودية" ويقومون بوضع نظريات مؤامرة جديدة، إلا أن الحقيقة هي أن الصهيونية أجبرت الدول الأوروبية على اتخاذ مواقف هامشية. ف الصهيونية تعيد تشكيل أوروبا بأكملها من جديد.

ويجب أن ندرك أن هذا الوضع الجديد من شأنه أن يخلق توترات دائمة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، اللتين تشكلان مركز التحالف الصهيوني، خاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. فإيديولوجيا الصهيونية بُنيت في الأساس على النجاح المطلق لإسرائيل باعتبارها منتجًا للتوسع الاستعماري الألماني والأنجلوسكسوني. وإذا فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها، فإن هذا النظام بأكمله سينهار لا محالة. لقد رأى العالم بأسره كيف رقص الصهاينة على جثث النساء والأطفال عندما فشلوا في غزة. ولا شك أن هذا لن يمر دون عواقب.

ومع تزايد فشل إسرائيل فإن الدول الأوروبية ستتعرض للمساءلة وستتحمل المسؤولية.

#الإبادة الجماعية
#الصهاينة
#إسرائيل
#غزة
#فلسطين
#أوربا