غزة.. الدفاع المدني يواجه المنخفض "بيرون" بإمكانات منهكة

22:0611/12/2025, الخميس
تحديث: 11/12/2025, الخميس
الأناضول
غزة.. الدفاع المدني يواجه المنخفض "بيرون" بإمكانات منهكة
غزة.. الدفاع المدني يواجه المنخفض "بيرون" بإمكانات منهكة

طواقمه تعمل بسيارات متهالكة وغير مجهزة، ودون مضخات مياه، أو معدات إنقاذ متطورة، ويعتمدون على وسائل بسيطة صنع بعضهم أجزاء منها بجهودهم الشخصية

بين خيام مهترئة غمرتها المياه، وتحت زخات مطر لا تهدأ، واصلت طواقم الدفاع المدني في قطاع غزة خلال الساعات الأخيرة جهودها لتخفيف آثار المنخفض الجوي "بيرون" على مخيمات النازحين.

وبينما يرفعون أطراف ستراتهم المبتلة ويُحكمون أغطية رؤوسهم، تتحرك هذه الطواقم بأدوات بسيطة وسط طين لزج وسيول متدفقة، مطمئنين على أوضاع النازحين، ومفتشين عن خيام غمرتها المياه أو عائلات تنتظر تدخلا عاجلا.

وتُظهر مقاطع مصورة نشرها الدفاع المدني بغزة عبر حسابه على "تلغرام"، عناصره وهم يسيرون على امتداد المخيمات مشيا على الأقدام، بعدما أعاقت الطرق الموحلة المركبات المتهالكة عن الوصول.

فيما انشغل بعضهم بتصريف المياه المتراكمة، وتولى آخرون مساعدة الأطفال وكبار السن على الانتقال إلى أماكن أكثر أمنا.

وفي مواقع أخرى، عمل أفراد الدفاع المدني على تثبيت أعمدة خيام متهالكة، ورفع الأغطية التي أسقطتها الرياح والأمطار، وبناء حواجز رملية لمنع تسرب المياه، إضافة إلى تسوية أجزاء من الطرق لتسهيل الحركة داخل المخيمات.

وتكشف المشاهد الميدانية حجم الصعوبة التي تواجه هذه الطواقم، إذ يعمل عناصرها من دون سيارات مجهزة بشكل كاف أو مضخات مياه أو معدات إنقاذ متطورة، معتمدين في كثير مما يقومون به على وسائل بدائية، وبعضها صنعوه بأنفسهم بجهود شخصية.

** واقع مأساوي متفاقم

وتعيش نحو 250 ألف أسرة فلسطينية في مخيمات النزوح بغزة داخل خيام مهترئة تواجه البرد والسيول، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني.

ومنذ الأربعاء، تحولت آلاف الخيام التي تؤوي الناجين من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ عامين إلى برك مياه غمرت الفرش والملابس والطعام، تاركة مئات العائلات في عراء قاس بلا دفء أو مأوى، في مشهد يعكس تفاقم واقع إنساني يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

ويتخذ معظم النازحين من هذه الخيام التالفة ملجأ اضطراريا، بينما قدر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي أن نحو 93 بالمئة من خيام القطاع لم تعد صالحة للسكن، أي ما يعادل 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا.

وظهر متحدث الدفاع المدني محمود بصل، في مقطع مصور بثه الجهاز عبر منصة "تلغرام" الخميس، وهو يقف تحت أمطار غزيرة مرتديا ملابس شتوية واقية، مؤكداً أن الطواقم تواصل عملها لمساعدة النازحين رغم الظروف الجوية القاسية.

وقال بصل إن مراكز الإيواء شهدت انهيارات وأضرارا واسعة بعدما غمرتها المياه بشكل كبير.

وأضاف أن طواقم الدفاع المدني تواجه تحديات هائلة أثناء عملها الميداني بسبب الأمطار والسيول، مشيراً إلى أن "الظروف صعبة وقاسية للغاية، وعلى العالم أن يدرك ما يجري في غزة".

وتابع: "الواقع كارثي وصعب، مراكز إيواء أغرقت بالكامل"، مؤكداً أن الوضع يتطلب تدخلا عاجلا لإنقاذ العائلات التي فقدت مأواها وسط العاصفة الجوية.

وتتواصل نداءات الاستغاثة من آلاف العائلات المتضررة، في وقت يشهد نقصا حادا في المعدات والآليات اللازمة للتعامل مع تداعيات المنخفض الجوي.

وتأتي هذه الموجة الجوية وسط أوضاع إنسانية متردية أصلاً، بسبب انعدام مقومات الحياة الأساسية وصعوبة الوصول إلى الاحتياجات الضرورية وتراجع الخدمات الحيوية بفعل الحصار الإسرائيلي.

وعلى مدى نحو عامين من الإبادة، تعرضت عشرات آلاف الخيام في غزة للتدمير أو التضرر، سواء نتيجة القصف الإسرائيلي المباشر أو استهداف محيطها، فيما اهترأ جزء كبير منها بفعل عوامل الطبيعة من حرارة الصيف المرتفعة إلى رياح وأمطار الشتاء.

** 2500 مناشدة خلال 24 ساعة

وتعمل طواقم الدفاع المدني في غزة تحت ضغط هائل منذ بداية المنخفض الجوي، إذ تلقت أكثر من 2500 مناشدة خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة من نازحين غمرت مياه الأمطار خيامهم، وفق ما ذكر بصل عبر بيان في وقت سابق اليوم.

ويُعد هذا الرقم أعلى بكثير من قدرة أي جهاز يعمل بموارد شحيحة وفي ظروف حرب إبادة استمرت لعامين متواصلين.

وخلال الإبادة التي بدأت في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 بدعم أمريكي، فقد الدفاع المدني معظم معداته وآلياته بفعل القصف، وباتت طواقمه تعتمد على ما تبقى من سيارات متهالكة ومعدات بسيطة لا تواكب حجم الكوارث المتلاحقة في القطاع.

ورغم إعلان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الماضي، لا تزال إسرائيل تمنع إدخال المعدات الأساسية التي يحتاجها الدفاع المدني لمواجهة تأثيرات المنخفض الجوي، أو لرفع ركام المنازل المدمرة، أو لتأمين الأبنية المتضررة المهددة بالانهيار.

وفي وقت سابق الخميس، لقي فلسطيني مصرعه إثر انهيار جدار أحد المنازل المتضررة بفعل القصف الإسرائيلي خلال الإبادة، بينما انهارت ثلاثة منازل أخرى غربي مدينة غزة كانت تؤوي نازحين لجؤوا إليها لغياب بدائل سكنية، من دون تسجيل إصابات حتى الآن.

وحذر الدفاع المدني من مخاطر كبيرة تهدد حياة السكان نتيجة انهيار المباني المتضررة والآيلة للسقوط، خصوصاً مع تواصل السيول والأمطار واستمرار العجز في المعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح.

#ابادة غزة
#الدفاع المدني في غزة
#المنخفض الجوي في غزة
#النازحين في غزة