مشهد الهزيمة

08:2115/01/2025, Çarşamba
تحديث: 15/01/2025, Çarşamba
طه كلينتش

تكتسب الأحداث معان وأبعادًا مختلفة حسب الزاوية التي ننظر منها. فعندما ننظر إلى ما حدث في غزة من منظور معاناة الفلسطينيين فإننا نرى صورة مختلفة عما نراه عندما نسأل "ما الذي حققته إسرائيل من هذا الصراع؟". لطالما كنت أدعو منذ بداية طوفان الأقصى إلى ضرورة النظر إلى القضية من منظور شامل يشمل الطرفين، وأكدت على أهمية تسليط الضوء بشكل خاص على إسرائيل، لتتمكن الأجيال الشابة من النظر إلى المستقبل بتفاؤل. واليوم في الوقت الذي يتحدث العالم عن وقف إطلاق النار في غزة، أود أن أؤكد على هذه النقطة مرة أخرى، لأننا

تكتسب الأحداث معان وأبعادًا مختلفة حسب الزاوية التي ننظر منها. فعندما ننظر إلى ما حدث في غزة من منظور معاناة الفلسطينيين فإننا نرى صورة مختلفة عما نراه عندما نسأل "ما الذي حققته إسرائيل من هذا الصراع؟". لطالما كنت أدعو منذ بداية طوفان الأقصى إلى ضرورة النظر إلى القضية من منظور شامل يشمل الطرفين، وأكدت على أهمية تسليط الضوء بشكل خاص على إسرائيل، لتتمكن الأجيال الشابة من النظر إلى المستقبل بتفاؤل. واليوم في الوقت الذي يتحدث العالم عن وقف إطلاق النار في غزة، أود أن أؤكد على هذه النقطة مرة أخرى، لأننا أمام صورة واضحة للهزيمة التي منيت بها إسرائيل.


ويمكننا أن نلخص ما خسرته إسرائيل منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن على النحو التالي:


ــ انهيار صورة إسرائيل "التي لا تقهر" و"تفوقها المطلق"

بغض النظر عن الزاوية التي ننظر منها، فإن جيش الاحتلال القوي المدعوم من القوى العالمية الكبرى فشل في تحقيق "النصر" في غزة. فالدمار الهائل الذي لحق بالأراضي وقتل المدنيين لا يمثل انتصارًا لإسرائيل. فما زالت المقاومة تُلحق الهزائم بجنود الاحتلال رغم أنها لم تتلقَ أي دعم من الخارج تقريبًا.


ــ الفشل في القضاء على حماس

كان الهدف المعلن من الإبادة الجماعية والعدوان على غزة هو القضاء على حركة حماس، ولكن إسرائيل فشلت في تحقيق هذا الهدف. فبعد اغتيال إسماعيل هنية ويحيى السنوار، لم تضعف حماس بل زاد عزمها وإصرارها على المقاومة. ولا تزال هناك العديد من التساؤلات حول اغتيال هنية في طهران، كما أن اغتيال السنوار تم "بالصدفة"، حيث لم يلاحقه الجنود الإسرائيليون ويقتلوه بعد تحديد مكانه وهزيمته.


ــ كشف زيف "الأخلاق" و "الشرعية"

كانت إسرائيل حتى وقت قريب، تدعي أنها "أكثر الجيوش أخلاقًا في العالم". وكانت تؤكد باستمرار على "شرعية" مشروعها الصهيوني في الأراضي الفلسطينية. ولكن الآن لم يعد هناك أي مصداقية لهذه الادعاءات حول الأخلاق والشرعية. فقد شاهد العالم أجمع بؤس قطيع همجي فقد إنسانيته، وهذه السمة ستظل ملتصقة بوجوههم و لن تزول أبدًا.


ــ تعمق الصراعات والانقسامات الداخلية

على عكس الصورة التي تسعى إسرائيل إلى تقديمها، تعد إسرائيل واحدة من أكثر الدول اضطرابًا وصراعًا على الصعيد الاجتماعي. وقد أدت حرب غزة إلى تفاقم هذه الانقسامات وأوصلتها إلى حد العداء. والسبب الرئيسي الذي دفع الحكومة الإسرائيلية الحالية إلى تجنب وقف إطلاق النار هو المشهد الكارثي الذي ستواجهه داخليًا. والآن لم يعد بإمكانهم الهروب من هذه الكارثة.


ــ فقدان السكان تحوّل إلى نزيف دموي

قبل "طوفان الأقصى"، كان عدد سكان إسرائيل حوالي 9 ملايين نسمة، ولكن هذا العدد انخفض بمقدار مليون نسمة على الأقل خلال الفترة الماضية. وبالنظر إلى هذه النسبة، فهذا يعني خسارة ديموغرافية كبيرة. ونظرًا لتدهور صورة إسرائيل كدولة آمنة، فمن المتوقع ألا يعود هؤلاء الذين غادروها.


ــ انهيار اقتصادي

إن أقل المسائل التي تم التركيز عليها في هذه العملية هي الإفلاس الاقتصادي والخسائر التي تعرضت لها إسرائيل، من السياحة إلى الصناعة، وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى مشهد من الدمار الشامل في كل المجالات. وقد شدد جميع العقلاء مسبقا على أنه لا يمكن الاستمرار في هذا الوضع، وأن الاستمرار بتلقي المساعدات الخارجية أصبحت أمرًا مستحيلًا، وأن الدولة تتجه نحو الانهيار.


ــ الكراهية ضد اليهود تبلغ ذروتها

شهد العالم زيادة كبيرة في مشاعر الكراهية والغضب ضد اليهود، ليس فقط بسبب الاحتلال الإسرائيلي، ولكن أيضًا بسبب الضغط الصهيوني والتهديدات والابتزاز والمضايقات على مستوى العالم. لقد أدت حرب غزة إلى تأجيج هذه المشاعر عالميا، حيث باتت موجهة لليهود أنفسهم وليس فقط ضد إسرائيل والصهيونية. وأصبح الناس الآن أكثر وعيا وشجاعة في مواجهة التصرفات المتعجرفة والإقصائية التي يتعرضون لها.

لا أقول هذه الكلمات من أجل الحماس أو لرفع المعنويات، بل هي نتيجة طبيعية للأحداث على الأرض. فمن يراقب الأحداث في المنطقة سيلاحظ ما ذكرته آنفا، بل وأكثر من ذلك، ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد. من يكتب له عمر طويل سيشهد انهيار المشروع الصهيوني.

ولا بد من القول أيضًا:

لو أن العالم الإسلامي قام بدوره على أكمل وجه في هذه المرحلة لما شهدت غزة هذه الخسائر الإنسانية الفادحة والدمار الهائل. إن إهمال هذا الأمر سيكون له عواقب وخيمة على منطقتنا وخاصة على المسلمين، في المستقبل القريب والبعيد. وسنعيش هذه النتائج ونراها بأم أعيننا.


#الهزيمة
#طوفان الأقصى
#إسرائيل
#حماس
#غزة
#فلسطين
#الاحتلال