حقبة جديدة في الصراع الإسرائيلي-الإيراني بعد اغتيال نصر الله

08:552/10/2024, Çarşamba
تحديث: 2/10/2024, Çarşamba
قدير أوستون

إقدام إسرائيل على اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، سيشكل نهاية للوضع الراهن في صراعها الإقليمي مع إيران. وبعد رد إسرائيل العنيف على هجوم حماس في 7 أكتوبر، بعثت برسالة واضحة إلى إيران مفادها أن "الأمور لن تعود إلى سابق عهدها". ومن خلال استهداف قيادات مثل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، تؤكد إسرائيل تصميمها على فرض واقع جديد في المنطقة. وفي خطابه الأخير الموجه للشعب الإيراني، أشار نتنياهو إلى أن تغيير النظام في طهران ليس بالأمر المعقد، مما يوحي بأن استراتيجيته السياسية ترتكز على الانتصار في الحرب الإقليمية

إقدام إسرائيل على اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، سيشكل نهاية للوضع الراهن في صراعها الإقليمي مع إيران. وبعد رد إسرائيل العنيف على هجوم حماس في 7 أكتوبر، بعثت برسالة واضحة إلى إيران مفادها أن "الأمور لن تعود إلى سابق عهدها". ومن خلال استهداف قيادات مثل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، تؤكد إسرائيل تصميمها على فرض واقع جديد في المنطقة.

وفي خطابه الأخير الموجه للشعب الإيراني، أشار نتنياهو إلى أن تغيير النظام في طهران ليس بالأمر المعقد، مما يوحي بأن استراتيجيته السياسية ترتكز على الانتصار في الحرب الإقليمية ضد إيران. ورغم التصريحات الأمريكية التي أحياناً تعبر عن استيائها وتؤكد "لم نكن على علم بذلك"، يبقى من المؤكد أن واشنطن ستواصل دعم إسرائيل في حربها مع إيران. وفي ظل هذه الظروف، لا خيار أمام إيران سوى المراهنة على الوقت، وتعزيز نفوذ وكلائها في المنطقة، وتجنب حرب قد تضع النظام في خطر السقوط.


احتلال أم منطقة عازلة؟

العمليات التي نفذتها إسرائيل بتفجيرها لأجهزة النداء واللاسلكي والراديو قبيل اغتيال نصر الله كانت بمثابة مؤشر على عمليات أكبر في الأفق. هذه العمليات، التي كشفت عن مدى اختراق إسرائيل العميق لحزب الله وتفوقها الاستخباراتي، أحدثت صدمة كبيرة في صفوف القيادة العليا والوسطى للحزب.


وعلى الرغم من تهديدات نصر الله وتصريحه بأن هذه العمليات تعتبر إعلان حرب، إلا أن تجنبه الإعلان عن حرب شاملة يكشف عن مدى الاضطراب الذي أحدثته هذه التطورات في صفوف حزب الله. ولم يمضِ وقت طويل بعد خطابه حتى تعرض نصر الله لعملية استهدفته مع قيادات الحزب، مما يشير بوضوح إلى احتمال فقدان حزب الله لدوره المحوري في الساحة السياسية اللبنانية. ومع ذلك، وبالنظر إلى التجارب السابقة التي أظهرت أن الاحتلالات والحروب السابقة عززت قوة حزب الله بدلاً من إضعافه، يُتوقع أن تقتصر إسرائيل على عملية محدودة تستهدف البنية التحتية للحزب فقط.


ستواصل إدارة بايدن دعمها لإسرائيل التي تهدف إلى تقليص نفوذ حزب الله في جنوب لبنان من خلال إنشاء منطقة عازلة على حدودها. التصريحات الرسمية للمسؤولين الأمريكيين تُظهر ترحيبًا باغتيال حسن نصر الله، مع تأكيد متكرر على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكن مع التشديد على أن تكون العمليات محدودة داخل لبنان.

من الواضح أن واشنطن ستدعم أي خطوة تُضعف حزب الله في لبنان، لكنها متحفظة على اجتياح واسع النطاق قد يضع الجيش اللبناني والفصائل السياسية الأخرى في موقف صعب. لذلك، ستركز إسرائيل على استهداف البنية التحتية لحزب الله في الجنوب، مع إبقاء خيار تنفيذ عمليات في بيروت مفتوحًا. في النهاية، ستُفضل واشنطن إنشاء منطقة عازلة تستهدف إضعاف حزب الله بدلاً من خوض عملية عسكرية واسعة النطاق قد تزعزع استقرار لبنان.


ماذا ستفعل إيران؟

منذ 7 أكتوبر، عملت إدارة بايدن على حصر عمليات إسرائيل في غزة ومنع تحولها إلى حرب إقليمية. ومع ذلك، لم تلتزم بخطها الأحمر في رفح، كما لم تتمكن من منع امتداد الحرب إلى لبنان. نحن الآن في مرحلة جديدة من الحرب الإقليمية، حيث تطبق إسرائيل استراتيجيتها بينما تكتفي واشنطن إما بالمراقبة أو الدعم القسري.

استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات ضد الحوثيين في اليمن إلى جانب حزب الله، يظهر عزمها على مواصلة هجماتها ضد جميع وكلاء إيران، رغم خطر اندلاع حرب إقليمية. من جانبها، ستعتمد إيران على "الصبر الاستراتيجي" مع التركيز على منع تدمير كامل لقدرات وكلائها. وفي ظل هذا الانكشاف الواضح لنقاط الضعف الاستخباراتية لإيران وحزب الله، لن يكون من الحكمة أن تدخل إيران في حرب دون أن تعيد بناء قدراتها بالكامل.


يمكننا القول إن إسرائيل تستغل الوضع السياسي الملائم في الوقت الحالي قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومع ذلك، بغض النظر عن الفائز، من غير الواقعي توقع أن تمارس واشنطن ضغوطًا جدية على إسرائيل فيما يتعلق بحل الدولتين أو تقليل حدة الصراع الإقليمي. بعد الانتخابات، ستواصل إسرائيل التركيز على ضم الضفة الغربية في سياق الاحتلال، وستبقي العمليات ضد وكلاء إيران ومنشآتها النووية ضمن أولوياتها في الصراع الإقليمي.


ورغم رغبة الإدارات الديمقراطية الأمريكية في تحويل اهتمامها نحو آسيا وتقليل انخراطها في الشرق الأوسط، إلا أن تصاعد التوترات الإسرائيلية في المنطقة يجعل من الصعب على السياسة الأمريكية تجاهل ذلك. طالما لم تشكل التوترات تكلفة كبيرة على المصالح الأمريكية، ستستمر واشنطن في دعم إسرائيل.


عند النظر إلى مصير الاتفاق النووي الإيراني الذي عمل عليه أوباما لسبع سنوات، يبدو واضحًا أن لإسرائيل نفوذًا شبه مطلق على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. إذا أرادت واشنطن استعادة زمام الأمور، فعليها إما أن تتعرض لتكلفة باهظة تفرضها إيران، أو أن تقدم إيران عرضًا لا يمكن لواشنطن رفضه.


ومع ذلك، محاولة فرض تكلفة على الولايات المتحدة تعني المخاطرة بمواجهة القوات الأمريكية التي تعزز وجودها العسكري في المنطقة، وهو ما قد يكلف إيران كثيرًا، خاصة في ظل ضعف دفاعاتها الحالية. أما تقديم عرض لا يمكن رفضه، فهو أمر شديد التعقيد، خصوصًا أن عودة ترامب للسلطة قد لا تعني فقط التخلي عن البرنامج النووي، بل سيتطلب من إيران أيضًا سحب دعمها لوكلائها الإقليميين. ومثل هذا التنازل في قضايا حيوية لبقاء النظام الإيراني يبدو غير وارد، ما يجعل من الصعب على طهران اتخاذ مثل هذه الخطوة.

#حسن نصر الله
#حزب الله
#لبنان
#القوات الأمريكية
#الجيش الإسرائيلي
#إسرائيل