حسابات إسرائيل وإيران تجاه الانتخابات الأمريكية

08:3720/09/2024, الجمعة
تحديث: 29/09/2024, الأحد
قدير أوستون

وجهت إسرائيل هجماتها السرية هذه المرة نحو حزب الله، دون التفريق بين المدنيين والعسكريين. فقد نفذت عملية استخباراتية معقدة قد تصبح نموذجًا في دروس الاستخبارات، حيث قامت خلالها بتفجير أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية المزروعة لدى الآلاف من أعضاء حزب الله بشكل متزامن. كما أن اغتيال إسماعيل هنية في طهران كان قد كشف عن الثغرات الأمنية الكبيرة في إيران. أما الهجمات على أجهزة النداء والاتصالات التي أوقعت آلاف الجرحى في صفوف حزب الله، فقد أوضحت أن الحزب يعاني من ضعف أمني مماثل. إذا قرر حزب الله الرد على

وجهت إسرائيل هجماتها السرية هذه المرة نحو حزب الله، دون التفريق بين المدنيين والعسكريين. فقد نفذت عملية استخباراتية معقدة قد تصبح نموذجًا في دروس الاستخبارات، حيث قامت خلالها بتفجير أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية المزروعة لدى الآلاف من أعضاء حزب الله بشكل متزامن. كما أن اغتيال إسماعيل هنية في طهران كان قد كشف عن الثغرات الأمنية الكبيرة في إيران. أما الهجمات على أجهزة النداء والاتصالات التي أوقعت آلاف الجرحى في صفوف حزب الله، فقد أوضحت أن الحزب يعاني من ضعف أمني مماثل.

إذا قرر حزب الله الرد على هذه الهجمات، والتي تعد أحدث تصعيد إسرائيلي في محاولات متواصلة لرفع التوتر في المنطقة، فإن الحرب ستكون حتمية. لكن إذا استطاعت إيران، تحت ضغط الولايات المتحدة من خلف الكواليس، منع حزب الله من الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل، فسيكون من الواضح أن الأولوية لطهران هي التوصل إلى اتفاق بعد الانتخابات الأمريكية.


رد حزب الله مرهون بإيران

بعد هجمات 7 أكتوبر، نزح عشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين يسكنون قرب الحدود اللبنانية نحو الجنوب خوفًا من اندلاع حرب مع حزب الله. وكانت إسرائيل تمارس ضغوطًا مستمرة منذ أشهر على حزب الله لدفعه إلى الانسحاب شمالًا، ملوحة بتهديد الحرب. ورغم تجاهل حزب الله لهذه التهديدات، إلا أنه واصل شن هجمات صاروخية محدودة ضمن حرب منخفضة الحدة.

أصبح لبنان المسرح الرئيسي للحرب الإقليمية غير المعلنة التي تديرها إسرائيل ضد إيران. وأدت المواجهات المتبادلة على مدار الأشهر إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين.

الهجمات التي شنتها إسرائيل على أجهزة النداء والاتصالات، وتحويلها التركيز العسكري من غزة إلى الحدود اللبنانية، أظهرت عزم إسرائيل على استفزاز حزب الله لشن حرب شاملة. ومع ذلك، من الواضح أن رد حزب الله لا يمكن أن يتم دون موافقة إيران. كما أن الدخول في حرب شاملة مع إسرائيل من شأنه أن يضمن حصول إسرائيل على دعم عسكري أمريكي.


حزب الله تحت ضغط للرد

من المتوقع أن يشعر حزب الله بضغط هائل للرد بقوة على الهجمات الإسرائيلية. الخطاب الذي سيلقيه حسن نصر الله بعد هذه الهجمات سيعطي مؤشرات حول المسار الذي قد تتخذه الأحداث.

ويرى بعض المحللين الإيرانيين أن إيران، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، ستسعى للتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. فالأوضاع الاقتصادية المتدهورة في إيران تفرض ضغوطًا داخلية كبيرة، وتجنب الرد على الهجمات الإسرائيلية يكشف عن عدم استعداد طهران لمواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من تهديد الرئيس الإيراني بزيشكيان بالرد على الهجمات التي استهدفت أجهزة النداء، إلا أنه من غير المتوقع أن يتجاوز هذا التهديد الكلام في الوقت الحالي. تصريح بزيشكيان بانفتاح إيران على المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة قبل الهجمات مباشرة قد يُفسر على أنه إشارة إلى انتظار إيران لنتائج الانتخابات الأمريكية.


الدعم الدبلوماسي والعسكري الأمريكي

وتعد الهجمات الإسرائيلية على أجهزة النداء والاتصالات انتهاكًا للقانون الدولي، كما يُعتبر استخدام أساليب لا تميز بين المدنيين والعسكريين جريمة حرب. من المتوقع أن تتهرب إسرائيل من المسؤولية القانونية بعدم الاعتراف بتنفيذ هذه العمليات.

سيجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة لمناقشة الهجمات، لكن بفضل حق النقض الذي تتمتع به الولايات المتحدة، لن يصدر أي قرار مؤثر ضد إسرائيل. ستقتصر المناقشات على دعوات لفتح تحقيق وخفض التوتر. ومن المعروف أن الولايات المتحدة وأوروبا تتعاملان بجدية أكبر مع اتهامات جرائم الحرب الموجهة لأطراف أخرى، لكن من غير المرجح أن تتغير سياسة المعايير المزدوجة المتبعة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.


قد تؤدي هذه الهجمات إلى اتخاذ بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، قرارًا بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل. لكن طالما استمر تدفق الأسلحة من واشنطن، فإن إسرائيل لن تشعر بأي ضغط دولي حقيقي. كلا المرشحين للرئاسة الأمريكية عبّرا عن رفضهما لأي قيود على مبيعات الأسلحة لإسرائيل، مشيرين إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. الدعم العسكري لإسرائيل مكفول بموجب القوانين الأمريكية، ولا يثير أي شك. وبينما تستمر واشنطن في توفير الحماية الدبلوماسية لإسرائيل في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، فإنها تقدم في الوقت نفسه دعمًا عسكريًا، رغم المحاولات الإسرائيلية لتأجيج الحرب.


الضغوط الأمريكية خلف الكواليس

الضغط الأمريكي على إيران لمنعها من الرد على الهجمات الإسرائيلية يسهل مهمة تل أبيب. فكلما شنت إسرائيل هجمات ضد أهداف في إيران أو لبنان، ازداد إحراج طهران وحزب الله بسبب عدم قدرتهم على الرد، مما يُضعف قدرتهم على الردع. ومع ذلك، قد تحاول الحكومة الإسرائيلية تصعيد التوتر قبل الانتخابات الأمريكية بهدف إفساد أي اتفاق محتمل بين واشنطن وطهران بعد الانتخابات.

إذا كانت إيران ترغب في إحباط هذه الخطة من خلال التوصل إلى اتفاق بعد الانتخابات، فستعمل على منع حزب الله من الرد الفوري على هجمات أجهزة النداء. في ظل هذه الثغرات الأمنية الكبيرة، فإن الدخول في حرب قد لا يكون القرار الأكثر حكمة. ورغم كل الحسابات المعقدة، يبقى من الممكن القول إنه ما لم يتم التوصل إلى اتفاق دائم بين الولايات المتحدة وإيران، فإن الحرب الإقليمية غير المعلنة ستستمر على النحو الذي تريده إسرائيل.

#حزب الله
#إسرائيل
#حسن نصر الله
#الحرب الإسرائيلية اللبنانية
#تفجير أجهزة الاتصالات