- في منطقة بوجبلة ببنزرت التونسية يرتاد مئات الأهالي النبع العمومي لسد احتياجاتهم من ماء الشرب في رحلة يومية يزيد معاناتها الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة
تحمل الظرايفي عدة أوعية وتقف في طابور تحت أشعة شمس فاقت 45 درجة، في واحدة من أعنف موجات الحر بالبلاد، منتظرة دورها لملء المياه، في مشهد يختزل معاناة يومية بحثا عن الماء الصالح للشرب.
النبع الواقع بمدينة سجنان من محافظة بنزرت شمال العاصمة تونس، يستقبل يوميا مئات السكان المحرومين من مياه يحتاجونها للشرب وللغسيل ولسقي الدواب أيضا.
يبدو على الظرايفي التعب وهو تحكي معاناتها: "أنهكنا وتعبنا جدا، أصبحت هكذا حياتنا كل يوم، نسعى منذ ساعات الصباح الأولى لملء ما نحتاجه من مياه الشرب".
وقالت للأناضول: "دون ماء لا يمكن أن نعمل، فالزراعة أيضا تتطلب مياها للسقي والدواب والأغنام والأبقار تحتاج المياه حتى نقوم بتربيتها".
وأردفت: "في معدلات حرارة جد مرتفعة، نستفيق يوميا على الساعة الثانية فجرا ونتوجه نحو النبع العمومي لجلب 12 وعاء ولا نعود إلى منازلنا إلا على الساعة التاسعة صباحا.. لقد تعبنا فعلا".
وأضافت الظرايفي: "يأتي إلى هنا يوميا مئات السكان أو أكثر لملء أوعيتهم وحمل ما يكفي عائلاتهم من المياه على ظهور الدواب والحمير"، متسائلة: "أيعقل أن نبقى على هذا الحال ونحن في عام 2023 ؟".
خميس اللطيفي يقطن أيضا نفس المنطقة ويأتي يوميا إلى النبع العمومي، قال للأناضول إن "المنطقة عطشى بأكملها، وعدتنا السلطات بإيصال الماء إلى لكنها بقيت وعودا دون تحقيق".
وأضاف: "ينتفع بماء النبع آلاف السكان الذين يأتون إلى المكان ليلا ونهارا، وفي هذه الحرارة المرتفعة نحرم من الماء حتى آبارنا جفت .. واضطررنا لبيع دوابنا بسبب عدم توفر المياه".
وتشهد تونس التي توصف بـ"الخضراء"، منذ 5 يوليو/ تموز الجاري موجة حر تجاوزت فيها درجات الحرارة 50 درجة في بعض الولايات.
وتمثل منطقة بوجبلة نموذجا لمعاناة يومية يعيشها تونسيون بعدة مناطق لتوفير المياه الصالح للشرب.
ووفق مراقبين، يعود ذلك إما لعدم ربط بعض المناطق السكنية في المناطق البعيدة بشبكات التزود بالمياه أو لقدمها بفعل الزمن وعدم القيام بإصلاحات دورية، ما يزيد من معاناة الأهالي في البحث عن مصدر للمياه، وسط تفاقم الحر وازدياد الحاجة للماء صيفا.
وبحسب المرصد التونسي للمياه (حكومي)، فإن 57 بالمائة فقط من التونسيين يتحصلون على مياه شرب ذات جودة، وأن 250 ألف شخص لا زالوا يستخدمون مياه شرب غير معالجة معظمها من آبار أو ينابيع.
وبحسب المصدر ذاته، توسعت خارطة العطش في تونس، نتيجة قلة تساقط الأمطار واهتراء البنية التحتية للسدود المحلية.
وعانت تونس شحا في المياه وتراجعا في احتياطيات السدود، جراء التغيرات المناخية وسنوات الجفاف الثلاث الماضية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الأمطار.