- تم افتتاح المتحف في 15 نوفمبر الجاري في عاصمة جمهورية شمال قبرص بمساهمة من بلدية "إيتيمسغوت" أنقرة - رئيس جمعية مجاهدي المقاومة التركية في قبرص جلال بيار: المتحف سيكون أداةً مهمة تساهم في تسليط الضوء على الثقافة الوطنية للقبارصة الأتراك. - المهندس المعماري ألبير جينار: المتحف يهدف إلى مساعدة الشباب على فهم الظروف التاريخية التي أدت إلى تأسيس جمهورية شمال قبرص التركية
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، شهدت لفكوشا افتتاح المتحف الذي يوثق نضال القبارصة الأتراك لنيل حقوقهم المشروعة، والذي بدأ عام 1878 وما زال مستمرًا حتى اليوم.
وجاء افتتاح المتحف خلال حفل جرى تنظيمه بمشاركة رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار، ونائب الرئيس التركي جودت يلماز بالتزامن مع الذكرى السنوية الأربعين لتأسيس جمهورية شمال قبرص التركية.
وتم افتتاح المتحف في "حصن المصلى" بأسوار لفكوشا التاريخية، برعاية رئاسة جمهورية شمال قبرص التركية وبمساهمة من بلدية "إيتيمسغوت" في العاصمة التركية أنقرة.
ويوفر المتحف لزواره فرصة مشاهدة مجموعة واسعة من الوثائق العسكرية والمدنية والأسلحة، إضافة إلى لوحات وملابس وصور فوتوغرافية وتاريخية، توثق جميعها لنضال القبارصة الأتراك من أجل نيل حقوقهم.
كما يحتوي المتحف على عشرات القطع الأثرية، بينها مجموعة من قوارب الصيد التي نقلت الإمدادات العسكرية من تركيا إلى قبرص خلال سنوات النضال الوطني، وأجزاء من طائرة الطيار النقيب الشهيد جنكيز طوبل، الذي تحطمت طائرته في الجزيرة عام 1963.
وتضم حديقة المتحف كذلك تماثيل لـ51 شخصية تاريخية ساهمت في دعم القضية القبرصية، وأبرزهم مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية.
كما يضم العشرات من الأعمال الفنية و51 منحوتة توثق لمرحلة تأسيس جمهورية شمال قبرص التركية.
وتعرض في حديقة المتحف مجموعة من المركبات المدرعة والمدافع التي تعود لمرحلة التأسيس، والتي استخدمتها المقاومة التركية في قبرص للتصدي لهجمات الروم في الجزيرة، في الفترة من عام 1963 إلى عام 1974.
الثقافة الوطنية للقبارصة الأتراك
وقال رئيس جمعية مجاهدي المقاومة التركية في قبرص جلال بيار للأناضول، إن المتحف "سيكون أداةً مهمة تساهم في تسليط الضوء على الثقافة الوطنية للقبارصة الأتراك".
وأضاف، أن المتحف "سيقدم شرحًا ومعلومات وافية لجيل الشباب، حول تاريخ النضال الوطني الذي خاضه أتراك الجزيرة من أجل الحصول على حقوقهم الوطنية".
وأردف بيار: "هذا جانب فني وبصري لوجودنا الوطني".
وتابع: "أود أن أعرب عن امتناننا للرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان ورئيس بلدية إتيمسغوت (في العاصمة التركية أنقرة) أنور ديميريل، على الجهود الكبيرة التي بذلاها من أجل إعادة ترميم حصن المصلى وافتتاح المتحف".
وذكر بيار أنه "بفضل الأعمال المعروضة في المتحف، سيكون بإمكان الشباب وزوار المتحف الوقوف على تاريخ النضال الوطني لأتراك الجزيرة"، لافتا إلى أن المتحف "يمثل فرصة عظيمة للقبارصة الأتراك".
فهم الظروف التاريخية
بدوره، قال المهندس المعماري ألبير جينار، الذي نفذ أعمال إعادة ترميم المتحف وبناء المنحوتات مع فريقه من الفنانين للأناضول، إنهم من خلال الأعمال المعروضة يهدفون إلى مساعدة الشباب على فهم الظروف التاريخية التي أدت إلى تأسيس جمهورية شمال قبرص التركية.
وذكر أن الغرض الأبرز من تأسيس المتحف هو "حماية الموجودات والقطع التاريخية والأثرية والوثائق التاريخية التي توثق لنضال القبارصة الأتراك، ونقلها للأجيال القادمة".
ولفت جينار أيضًا إلى "وجود تماثيل لـ 51 شخصية تاريخية خدمت القضية القبرصية في حديقة متحف التاريخ والثقافة والنضال الوطني للقبارصة الأتراك".
وختم جينار بالإشارة إلى أن "تنفيذ المشروع جاء نتيجة لتضافر جهود فريق كبير من المهندسين والفنانين والفنيين، وأن العمل ما زال مستمرًا على 4 من أصل 51 منحوتة غير مكتملة".
ومنذ 1974، تعاني جزيرة قبرص من الانقسام بين شطرين، تركي في الشمال ورومي في الجنوب، وتأسست دولة قبرص التركية الاتحادية في 1976 عقب "عملية السلام" العسكرية التي أطلقها الجيش التركي في الجزيرة عام 1974.
وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1983، تأسست جمهورية شمال قبرص التركية، بعد قرار أقره برلمان قبرص التركية الاتحادية بالإجماع بناء على مبدأ حق تقرير المصير.
ورفضَ القبارصة الروم خطة للأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة عام 2004.
قبرص التركية
تأسست "جمهورية قبرص" عام 1960، ونالت الجزيرة استقلالها عن المملكة المتحدة عام 1959، على أساس الشراكة بين المكونين (الأتراك والروم).
بعد الاستقلال، تعرض أبناء المكون التركي للتهجير قسرا بموجب "خطة أكريتاس"، التي تم تنفيذها في 1963، وتعرضوا بعد ذلك لمذابح وهجمات ممنهجة نفذها الروم بالجزيرة، ما دفع تركيا لإعلان عزمها التدخل في قبرص عام 1964 بعد تزايد اعتداءات الروم على الأتراك في قبرص.
وفي تلك الأثناء، أرسل الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، رسالة إلى رئيس الوزراء التركي آنذاك عصمت إينونو، يطلب فيها تجنب أنقرة التدخل في الجزيرة، لكن تركيا واصلت موقفها الحازم بشأن القضية القبرصية.
وفي أعقاب محاولات الروم ارتكاب مذبحة ضد السكان الأتراك في منطقة "أرنكوي" (شمال قبرص) والقرى المحيطة بها عام 1964، شنت تركيا عملية جوية في المنطقة.
وبدعم من المجلس العسكري الحاكم في اليونان، قام نيكوس سامبسون، زعيم منظمة "إيوكا" الإرهابية، بانقلاب على الرئيس القبرصي مكاريوس الثالث، في إطار خطة لضم الجزيرة إلى اليونان، وبعدها أطلقت تركيا عملية عسكرية عرفت باسم عملية السلام، في 20 يوليو/ تموز 1974، آخذة في الحسبان ضمان أمن القبارصة الأتراك.
وبفضل عملية السلام التركية، تحول القبارصة الأتراك الذين تعرضوا للقتل الجماعي والنفي والقمع والتهجير الممنهج لمدة 9 سنوات بين 1963 و1974، إلى إنشاء دولتهم المستقلة في الجزيرة، وقد جرى استبدال دولة قبرص الفيدرالية التركية التي تم إعلانها عام 1975 مباشرة بعد العملية، بجمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.