|
متغطرسون وخانعون

مرّت الأيام، لكنّهم لم ينسوا.

لأنّ تصريحاته أزعجتهم، ولامست مشاعرهم.


في الرابع من فبراير، أجرى وزير الخارجية "هاكان فيدان" مقابلة مع "مُراد أكغون" على قناة "أهابر". وأكد خلال المقابلة على موقف تركيا الثابت من عضوية الاتحاد الأوروبي، قائلاً: "نحن ما زلنا في نفس المكان، ولم نتزحزح."

ثم أضاف: "ولكن هذا لا يعني أنه ليس لدينا خطوات جادة يجب أن نتخذها كدولة كبيرة. فلسنا في وضع يسمح لنا بانتظار قبول عضويتنا في الاتحاد الأوروبي أو رفضها. علينا البحث عن بدائل أخرى ورحلات تاريخية أخرى خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي. وهناك بالفعل جهود جادة في هذا الصدد. "


يمكن تلخيص "تساؤلات المعارضة" لتصريحات وزير الخارجية "هاكان فيدان" حول البحث عن بدائل لعضوية الاتحاد الأوروبي كالتالي: "ماذا تقصد؟ ماذا تعني بـ "بدائل أخرى"؟ وما المقصود بـ "رحلات تاريخية أخرى"؟ اشرح للرأي العام ما هي حالة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الأماكن التي ستقصدونها؟"

في الواقع، تُشير هذه الأسئلة إلى موقفهم". فخوفهم ليس من "الذهاب إلى الشرق". ما يُخيفهم حقاً هو "الابتعاد عن الغرب". وهذا هو جوهر الصراع.


دولة ذات عنق قوي

لم يكن وزير الخارجية "هاكان فيدان" هو الوحيد الذي تحدّث عن "البدائل" و"الرحلات التاريخية" الأخرى.

فجميع وزراء الخارجية في عهد "حزب العدالة والتنمية" -سواء الحاليين أو السابقين-، وكذلك الرئيس "رجب طيب أردوغان" نفسه، أكّدوا في مناسبات مختلفة على أنّ "محورنا هو المحور التركي". فما المقصود بذلك؟

المقصود هو أن تُقيم تركيا علاقات مع جميع دول العالم، بما يخدم مصالحها، دون انتظار موافقة أحد أو التبرير له. وبلوغ القدرة على تأسيس هذه العلاقات .



تركيا ليست مجرد "ذئب قوي العنق"، بل هي دولة "مستقلة" بكل وضوح


ويقول فيدان: "عندما لا نجد الشراكة الاقتصادية والسياسية التي نريدها، يكون من واجبنا أن نبنيها بأنفسنا. علينا أن نتحرك بعقلية مؤسسة للنظام". بمعنى آخر ستجد تركيا طريقًا يناسب محورها واستقلالها، وإذا لم تجد طريقًا، فستُنشئ واحداً.


ندرك أنّ "هذا بالضبط ما يُخيفهم". فهم لا يعتقدون أنّ هذا واقعي. لكنهم يعتقدون أن أسئلتهم هذه واقعية: "هل الاتحاد الأوروبي هو المذنب الوحيد؟. أليس لتركيا أيضاً نصيب من الأخطاء؟ هل لبَّت تركيا قيم الاتحاد الأوربي".


إنّهم يتجاهلون قيم "البدائل" ويُقلّلون من قيم تركيا. ولا يُلقون بالًا لـ "الانتهاكات الأخلاقية والقيمية" التي يُمارسها "الاتحاد الأوروبي" والغرب بشكل عام. فكيف يكون ذلك!



مواقفهم ثابتة في جميع الأزمات لا تتغير، بغض النظر عن سياق الأزمة أو تعقيداتها. ففي مسألة شراء منظومة الدفاع الجوي S-400 من روسيا يصرون على أن تركيا "مخطئة" لأنّها عضو في حلف الناتو. وفي الحرب الأوكرانية يحمِّلون روسيا مسؤولية بدء الحرب، ويعتبرون موقف الغرب دفاعاً عن النفس. وفي العدوان الإسرائيلي على غزة يرون أن حماس هي من هاجمت ولولا ذلك لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه اليوم. وعن تنظيم "بي كي كي" الإرهابي يقرون أن الإرهاب أمر سيئ لكنهم يطالبون بتفهم موقف الأكراد، نحن لا نسأل عن الأكراد، بل عن الدعم الأمريكي، فالولايات المتحدة قوة عظمى تفعل ما تريد. وعن تركيا يقولون إن مكانها واضح، يجب ألا تترك الغرب. وإن سألتهم فهم أيضاً لا يريدون أن ينفصلوا عن الغرب.


قميص من نار

بينما تستنزف هذه القضايا وقت تركيا وطاقتها، نضطر نحن هنا إلى الأخذ من وقتكم وطاقتكم أيضًا. فلا سبيل آخر لهذه المعركة. إنّها معركة استقلال تركيا. لقد اعتادت تركيا على الارتباط بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حتى يومنا هذا، لذلك يعتقدون أن تركيا تبتعد عن "القيم الإنسانية والحضارية والعدالة". وإن رفضنا ذلك باعتباره "وهمًا"، فسوف يخبرونك في وقت قصير أنهم ليسوا متوهمين، إنهم يريدون ذلك حقًا.

في الختام، نودّ أن نُشير إلى أنّ حكام تركيا ـ خلال العشرين سنة الماضية ـ قد قالوا عبارات مشابهة، بل ذهب بعضهم أبعدَ من ذلك، وخاصةً في السنوات السبع أو الثماني الأخيرة. لكن يبدو أنّ تصريح فيدان بذلك قد أزعجهم أكثر. فالشعب التركي يُدرك أنّ السيد الرئيس ورئيس المخابرات ووزير الخارجية وكلّ من يُشارك في هذه القضية يرتدون قميصًا من نار. ولأنّهم من الشعب فإنّ هذا القميص لا يحرقهم. لكنّه سيحرق أيّ شخص يُحاول المساس بهم.


فجوتان من بكين إلى لندن

سبق أن قلنا: إنهم يحاولون صرف اهتمامنا عن القضايا التركية التي يجب أن نُوليها اهتمامنا ونُحاول فهمها.

هناك دولتان تُشكلان فجوة في "حرب القطبين" بين الشرق (الصين ومنطقة منظمة الدول التركية) والغرب (أوروبا وبريطانيا). الأولى هي أفغانستان، والثانية هي باكستان.

ونحن نعيش الآن في فترة زمنية يزداد فيه دور الشرق بشكل واضح. وعندما ننظر إلى منطقة الشرق الأوسط الواسع ، نرى بوضوح مواقع الصراع التي وصلت إلى البحر المتوسط.


في نفس اليوم الذي تلقى فيه الرئيس الصيني "شي جين بينغ" أوراق اعتماد سفير طالبان، زار مبعوثون خاصون من روسيا والصين كابول وشاركوا في قمة تحت عنوان "مبادرة التعاون الإقليمي".

دعونا نلقي نظرة على الدول المشاركة في هذه القمة لنرى آراءكم: الصين، وإيران، وباكستان، والهند، وأوزبكستان، وتركمانستان، وكازاخستان، وإندونيسيا، وتركيا. والهند من بين 10 دول تشارك في اجتماع دعا إليه طالبان في كابول في 30 يناير. وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع ما تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها في الشرق الأوسط الإسلامي.



تُعدّ أفغانستان أحد أهمّ ركائز"الطريق إلى الصورة الكبيرة" وداعمًا أساسيًا لها. فجميع الدول التي تشارك في القمة تسعى إلى لعب دور على هذا الطريق. وستُشكل حتى أصغر الدول جزءًا من "شبكة الخدمات اللوجستية الأوراسية".


وهذا ما يجعل دور باكستان حيويًا للشرق والغرب على حد سواء. في الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، تجري انتخابات في باكستان ولم تُعلن النتائج بعد. لكن يجب علينا أن نُدرك احتمالية تحوّل بلدنا الشقيق إلى ساحة صراع في ظلّ التنافس العالمي، وأن نُقدّم له الدعم الخاص.


يجب أن نتساءل عن سبب إطلاق إيران صاروخًا على باكستان من بين ثلاثة صواريخ أطلقتها على ثلاث دول، وعن سبب إجراء المناورات العسكرية البحرية بين روسيا والصين وإيران في هذا الوقت .


#هاكان فيدان
#تركيا
#الاتحاد الأوروبي
#الشرق
#الغرب
3 ay önce
متغطرسون وخانعون
بفضل هؤلاء الشباب.. العالم سيصبح مكانا أفضل
كفاح لإنقاذ تركيا من أيدي الدوشيرمة
لماذا وصف أردوغان حماس بأنها "حركة مقاومة"؟
التطبيع
قطاع الطرق يحكمون العالم لكن غزة تقاوم