العالم الإسلامي السني.. العالم الإسلامي الشيعي

09:021/10/2024, الثلاثاء
تحديث: 1/10/2024, الثلاثاء
إسماعيل قيليش أرسلان

خلال الأحداث الراهنة في فلسطين، العراق، سوريا، مصر، والآن لبنان، هناك حقيقة يجب الاعتراف بها: لا يوجد تقريبًا مفهوم متكامل لما يُعرف بـ"العالم الإسلامي السني". هذا العالم يعيش في حالة من التدهور والفوضى، وقد تكون هناك أسباب عديدة تستحق النقاش بالتفصيل. إلا أن السبب الأبرز بلا شك هو أن الإمبريالية الغربية، التي تغيرت أشكالها في القرن العشرين، قد اعتبرت العالم الإسلامي السني أكبر تهديد لها. في أي بلد إسلامي تظهر فيه بوادر حركة "نهضوية سليمة"، نجد أن الإمبريالية تتدخل بسرعة. أحيانًا يكون التدخل عبر

خلال الأحداث الراهنة في فلسطين، العراق، سوريا، مصر، والآن لبنان، هناك حقيقة يجب الاعتراف بها: لا يوجد تقريبًا مفهوم متكامل لما يُعرف بـ"العالم الإسلامي السني". هذا العالم يعيش في حالة من التدهور والفوضى، وقد تكون هناك أسباب عديدة تستحق النقاش بالتفصيل. إلا أن السبب الأبرز بلا شك هو أن الإمبريالية الغربية، التي تغيرت أشكالها في القرن العشرين، قد اعتبرت العالم الإسلامي السني أكبر تهديد لها.


في أي بلد إسلامي تظهر فيه بوادر حركة "نهضوية سليمة"، نجد أن الإمبريالية تتدخل بسرعة. أحيانًا يكون التدخل عبر تسليم تلك البلدان لحكم الدكتاتوريات، كما حدث في سوريا، العراق، ومصر. وفي أحيان أخرى، تؤجج الإمبريالية التوتر من خلال الانقلابات، الحركات الشعبية الزائفة، والصراعات بين العلمانيين والمتدينين، وكذلك بين الأقليات والأغلبية. فغرقت أفغانستان في الحرب، وبنغلاديش في الفقر.



يجب الانتباه إلى نقطة جوهرية: لا يمكننا حتى اعتبار دول مثل السعودية، الأردن، والإمارات - التي تأسست منذ البداية كجزء من مشروع "بريطاني" - جزءًا من "العالم الإسلامي السني".

ما حدث لحركة الإخوان المسلمين يكشف بوضوح ما فعلته الإمبريالية بالعالم الإسلامي السني. تخيل لو أن جماعة الإخوان في سوريا خلال الثمانينيات، أو جماعة الإخوان في مصر في العقد الثاني من الألفية، قد تمكنت من الوصول إلى السلطة، كيف كانت ستكون رؤيتنا للقضية الفلسطينية اليوم مختلفة؟


في مقابل تدهور العالم الإسلامي السني وفضائح دول الخليج، هل يمكننا الحديث عن وجود "عالم إسلامي شيعي" بقيادة إيران؟ نعم، لكن هذا العالم الشيعي الذي تقوده إيران بعيد كل البعد عن الإسلام بصورته الحقيقية.

اليوم، لا يكاد يوجد مسلم لا يفكر في كيفية تحسين أوضاع المسلمين في سوريا، العراق، اليمن، لبنان، وفلسطين. لكن عندما نناقش هذه القضايا، يتحول الحديث تلقائيًا إلى دور إيران وأفعالها من منظور المسلمين السنة. بالنسبة لهؤلاء، إيران هي الدولة التي أضافت خطايا جديدة في لبنان إلى سجلها في العراق، وقتلت مئات الآلاف من المسلمين بلا رحمة في سوريا، وأشعلت نيران الحرب في اليمن.

يجب أن نكون صريحين. بعد الثورة الإسلامية، تحولت إيران إلى دولة تسعى فقط لتوسيع نفوذها الفارسي الشيعي. لم تتردد في تنفيذ عمليات تخدم أهداف الإمبريالية، ولم تتوانَ عن إراقة الدماء لتحقيق تلك الأهداف.

قاسم سليماني، الذي يبكون عليه ويقولون إنه "التقى الحسين في الجنة"، لم يكن سوى قاتل بدم بارد. فيلق القدس الذي كان يقوده لم يكن له أي دور سوى قتل المسلمين، وكذلك حسن نصر الله. ربما شاهدتم الاحتفالات في إعزاز، حيث وزع السوريون الحلوى فرحًا بموته. لماذا؟ لأن هؤلاء السوريين فقدوا أقاربهم — أمًا، أبًا، أخًا، أو زوجًا — على يد رصاص حزب الله.


أي مسلم يمتلك قدرًا من العقل يدرك أن تحقيق الوحدة بين السنة والشيعة هو الحل الأمثل لمشاكل المنطقة. ولكن للأسف، إيران لا تسعى لتحقيق هذه الوحدة، بل تعمل بكل جهد على منعها، متبعة سياسة توسعية إمبريالية.

إذا أخذت إيران زمام المبادرة بجدية لتحرير فلسطين، وكنا نؤمن بصدق نواياها، سنقف جميعًا إلى جانبها. ولكن إذا اتخذت تركيا نفس المبادرة، فستسعى إيران للتعاون مع إسرائيل لإيقاف تلك الخطوة. لأن أجندة إيران التوسعية ليست موجهة ضد اليهود أو المسيحيين، بل ضد المسلمين.


منذ ظهور الإسلام وحتى فتح إسطنبول، تعرضت المدينة للحصار مرتين فقط خلال تسعة قرون. وخلال هاتين الفترتين، كانت القوى الكبرى في العالم الإسلامي هي الفاطميين الشيعة والبويهيين الشيعة. عندما اجتمع الأتراك، الأكراد، والعرب تحت راية صلاح الدين لتحرير المسجد الأقصى من الاحتلال الصليبي، كان الشيعة هم من يقدمون المعلومات للصليبيين عن جيش صلاح الدين وخطوط إمداده.

إيران، عبر تاريخها وحتى اليوم، كانت دائمًا بعيدة عن أي رغبة أو نية للتعاون مع المسلمين. ومع ذلك، إذا أخذت اليوم زمام المبادرة وواجهت الأعداء بصدق، فسنكون أول من يدعو لها بالنجاح، وأول من يدعمها.


في النهاية، إذا قال أحدهم "إيران لا تواجه، ولكن هل العالم الإسلامي السني يواجه؟"، فإنني أجيب بوضوح: باستثناء ما يحدث في الفلوجة، غزة، سوريا، ومصر، نعم، قد تكونون محقين. ولكن العالم الإسلامي السني كان دائمًا أقرب إلى العودة إلى جذوره التاريخية. ولهذا السبب تحديدًا، يواصل الإمبرياليون معاركهم الدموية ضد العالم الإسلامي السني، وليس ضد التوسع الفارسي الشيعي.

#الشيعة
#السنة
#دورإيران
#حسن نصر الله
#حزب الله
#العالم السني
#العالم الشيعي