الاستقلال في أخذ القرار

16:1629/10/2022, Cumartesi
تحديث: 29/10/2022, Cumartesi
إسماعيل قيليش أرسلان

أثناء كتابتي هذا المقال لم يكن الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن بعد عن رؤية "قرن تركيا"، لذلك لست على علم بالخطط والأهداف التي سيطرحها الرئيس في هذا الصدد.لكنني متأكد من أن الخطط والأهداف التي سيطرحها رجب طيب أردوغان تدور كلها حول المبدأ الأساسي له منذ بداية حياته السياسية وهو "جعل تركيا مستقلة في أخذ القرار".يمكن القول إن أكبر وأصعب مشكلة تواجه الدول التي مثلنا هي "عدم استقلاها في أخذ القرار"، فهناك الكثيرون ممن يحاولون التدخل في شؤونها كالإمبرياليين والدول المجاورة ووكالات المخابرات ووسائل الإعلام

أثناء كتابتي هذا المقال لم يكن الرئيس رجب طيب أردوغان قد أعلن بعد عن رؤية "قرن تركيا"، لذلك لست على علم بالخطط والأهداف التي سيطرحها الرئيس في هذا الصدد.

لكنني متأكد من أن الخطط والأهداف التي سيطرحها رجب طيب أردوغان تدور كلها حول المبدأ الأساسي له منذ بداية حياته السياسية وهو "جعل تركيا مستقلة في أخذ القرار".

يمكن القول إن أكبر وأصعب مشكلة تواجه الدول التي مثلنا هي "عدم استقلاها في أخذ القرار"، فهناك الكثيرون ممن يحاولون التدخل في شؤونها كالإمبرياليين والدول المجاورة ووكالات المخابرات ووسائل الإعلام الدولية وغيرها.

أقصد بـ "الدول التي مثلنا" الدول الغنية بالموارد البشرية والمصادر الاقتصادية والتي تقع على موقع استراتيجي يمكّنها من أن تكون من "القوى المؤثرة" إذا نهضت وأتيحت لها الفرصة. وإذا سألت المحللين الاقتصاديين عن هذه الدول فسيقولون تركيا والبرازيل وبولندا، وإذا سألت المستقبليين فسيقولون تركيا والهند واليابان، أما إذا سألت الخبراء التابعين لوكالة الاستخبارات الأمريكية فستكون الإجابة هي تركيا ومصر وباكستان.

العضو الذي لم يتغير وبقي لفترة طويلة على "قائمة الدول التي مثلنا" هو تركيا لأن استقلالها في أخذ القرار يعتبر "شيئًا غير مرغوب فيه" بالنسبة "للقوى الأخرى".

أنا لست شخصًا يحلم وينسب لبلده قوة لا تمتلكها لكني أرى أن تركيا هي واحدة من الدول القليلة التي نشهد تقدمها في أن تكون "قوة مؤثرة" بشكل واضح وربما هي الأولى، لهذا تتعرض تركيا اليوم لأسوأ حملات التشويه والإشاعات والأخبار الكاذبة، فقد شاهدنا في الأيام القليلة الماضية الإشاعات القائلة إن "تركيا تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد تنظيم بي كي كي الإرهابي" وأن "تركيا تقتل اللاجئين على الحدود اليونانية" و إعلان "ماهر أونال" أحد أهم الأسماء في حزب العدالة والتنمية "عدوًّا للجمهورية"، قد تبدو هذه الإشاعات مستقلة عن بعضها البعض لكنها في الواقع مرتبطة ارتباطًا وثيقًا فهدفها واحد وهو "عدم استقلال تركيا في قراراتها".

أعتقد أن "استقلال تركيا في أخذ القرار" هو الهدف الرئيسي لأردوغان، وقد استطاع تحقيقه بمهارة كبيرة أحيانًا وواجه صعوبة في تحقيقه أحيانًا أخرى خلال فترة حكمه.

يقوم نضال أردوغان السياسي على جعل تركيا مستقلة تسير وفق قرارات مستقلة تتكون من نقاط القوة في تركيا لا قرارات يحددها الآخرون من مراكز ومجتمعات ودول.

قلت "استطاع أحيانًا ويواجه صعوبة أحيانًا أخرى" لأنه على الدول التي مثلنا أن تكون مستعدة دائمًا لمواجهة أي طارئ، فمثلًا كلنا نذكر كيف كان الوضع في تركيا وما كان يتم الحديث عنه قبل مؤامرة "غيزي بارك" وقبل أحداث "15 تموز"، حيث جلبت مؤامرة "غيزي بارك" فترة عصيبة للبلاد اقتصاديًا واجتماعيًا، وزادت أحداث "15 تموز" الأمر صعوبة، لهذا من الصعب جدًا استقلال تركيا في قراراتها بينما هي في هذا الوضع الحساس.

لا شك عندي في أن الهدف الأساسي لقرن تركيا والرؤية لمئويتها الجديدة هو "استقلال تركيا في أخذ القرار"، أما عن كونها ستنجح في هذا أو لا فهذه مسألة أخرى تعتمد على الظروف والتطورات وترتبط بحملات الإشاعات بشكل كبير.

السؤال المطروح هنا هو "ما الذي على تركيا فعله لتصبح مستقلة في قراراتها؟" وإجابتي عنه واضحة منذ فترة طويلة، فهذه المسألة ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية.

أولاً: تطوير لغة فعالة تقضي على كل أنواع الوصاية. وقد رأينا مثالاً عمليًا على ذلك طرحه أردوغان مؤخرًا وهو الانفتاح على العلويين، لكن "أنصار الوصاية" لا يحبذون أدنى تطور إيجابي. لهذا يجب على تركيا إزالة الفروق في كل المجالات.

ثانياً: العمل على تطويرات صناعية فعالة تحقق المزيد من التقدم، إذ يجب الانتقال من التصور المتراخي إلى "تصور جدي وواقعي للثقافة الصناعية"، سأحاول شرح ما أعنيه بهذا الاقتراح في بضع مقالات منفصلة ولكن باختصار: يجب أن تنتقل تركيا من "الثقافة المتأخرة التي تتذمر وتتفاخر فقط" إلى " الثقافة الاستباقية التي تنتج وتقترح وتؤثر".

ثالثًا: تعزيز الوحدة الاجتماعية في كل التوضيحات السياسية، أي وضع أجندة سياسية واضحة أمام المجتمع لـ "توحيد الهدف".

حسنًا هل هذا ممكن؟ بالطبع ممكن و "من دون أي شرط"، وكما يقال في المثل التركي: "الشمس تشرق على من يريد الرؤية" أي من يفتحْ عينيه يرَ أن "رياح القدر" في صالح تركيا، يكفي أن تكون لدينا الشجاعة للقيام بما يجب علينا.

#اردوغان
#إزالة الفروقات
#التطوير الصناعي
#رؤية القرن
#تركيا