ما بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب، تتباين آراء في الشارع المغربي حيال الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
إلا أن الكفة تميل لصالح ترامب، بالنظر إلى إعلانه في ديسمبر/ كانون الأول 2020 اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على إقليم الصحراء المتنازع عليه، وذلك خلال ولايته الرئاسية بين عامي 2017 و2021.
وينظر مواطنون مغاربة، في أحاديث مع الأناضول، إلى هاريس وترامب وكأنهما "سيئ وأسوأ"، فهما "وجهان لعملة واحدة"، وكل ما يهمهما هو المصالح الأمريكية، مع غياب أي تغيير مرتقب تجاه الدول العربية.
واعتبر آخرون أن هذه الانتخابات "شكلية" أمام الرأي العام الدولي، لا سيما في ظل مساهمة واشنطن في حروب، بينها الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة بقطاع غزة منذ أكثر من عام.
ومنذ عام 2004 تجمع المغرب والولايات المتحدة اتفاقية للتبادل التجاري الحر، فضلا عن اتفاقيات أخرى في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.
** الحرب على غزة
أحمد طنيش، كاتب، قال للأناضول إن الانتخابات الأمريكية تأتي في "سياق الهزة الكبرى التي أحدثتها قضية غزة التي غيرت معالم ومجالات الدبلوماسية الدولية".
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 145 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وأضاف طنيش أن "العالم ينتظر إصلاحات كبيرة بعد هذه الانتخابات"، وأول ما ينتظره الرأي العام الدولي هو إنهاء حرب الإبادة على غزة.
وبخصوص المرشح الأفضل للمغرب، اعتبر أن ترامب وهاريس "وجهان لعملة واحدة"، إلا أن الأول أفضل للمملكة.
وأرجع طنيش ذلك إلى أن "المغاربة جربوا العلاقة مع ترامب، حيث كانت جيدة بين البلدين".
** حروب أقل
في ولاية ترامب الرئاسية لم تكن هناك حروبا كثيرة مقارنة بالفترة الحالية، هكذا بدأ حسن لشكر، حقوقي، حديثه للأناضول.
وتابع: "ترامب يؤكد في تصريحاته أنه سيوقف الحروب، خاصة أوكرانيا وغزة. وسياسته الخارجية واقعية، بحكم التجربة السابقة".
لشكر اعتبر أيضا أن ترامب "الأفضل" للمغرب، ففي ولايته الرئاسية الأولى اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، و"سيكمل ما بدأه".
وفي 10 ديسمبر 2020، أعلن ترامب اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على إقليم الصحراء، واعتزامها فتح قنصلية بمدينة الداخلة في الإقليم.
وفي الشهر نفسه، استأنف المغرب وإسرائيل علاقتهما الدبلوماسية بوساطة أمريكية، في خطوة أعربت قطاعات شعبية وقوى سياسية في المملكة عن رفضها، وأعقب ذلك زيارة مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى الرباط، توقفت مع بدء الحرب على غزة.
وتقترح الرباط حكما ذاتيا موسعا للإقليم تحت سيادتها، بينما تدعو جبهة "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.
** المصالح الأمريكية أولا
أسامة عوامي، موظف حكومي، قال للأناضول إنه لا أحد من المرشحين الاثنين على مستوى تطلعات الشعوب العربية.
واعتبر أن طبيعة الانتخابات الأمريكية بتناقضاتها، سواء الجناح الجمهوري أو الديمقراطي، لا تشكل تغييرا على مستوى تعامل الولايات المتحدة مع الشعوب العربية والأنظمة العربية.
وشدد على أن ما يهم ترامب وهاريس هو مصالح الولايات المتحدة أولا، ولا تغيير في معادلة التعامل الأمريكي مع الدول العربية.
وتحدث عما وصفها بـ"النظرة المتشائمة للشعوب العربية تجاه ما يُسمى النظام الرأسمالي الأمريكي، خاصة ما يحدث بالشرق الأوسط والتغييرات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة".
واستطرد: "لذا فإن رؤية الشعوب العربية تجاه أمريكا ستبقى مخدوشة، ولا يستطيع أي رئيس (أمريكي) إصلاحها، إلا بتغيير حقيقي تجاه الشعوب العربية وتجاه أنظمتها وتطلعاتها".
وبالنسبة إلى تأثير الانتخابات المحتمل على بلاده، اعتبر عوامي أن المملكة من خلال تجربتها الدبلوماسية استطاعت التعامل مع طبيعة الأنظمة السياسية الأمريكية.
وتابع: "أيا كان الفائز في الانتخابات، ستبقى المصالح المغربية محفوظة، فالإدارة الأمريكية حسمت رؤيتها في مجموعة من الملفات التي تهم مصالح المغرب، خاصة الوحدة الترابية"، في إشارة إلى ملف الصحراء.
** مسار ترامب
ورغم تقارب تظهره استطلاعات الرأي، يتوقع محمد المراكشي، مغربي مقيم بالولايات المتحدة منذ 20 سنة، فوز ترامب بها، واعتبر أن ذلك من مصلحة الرباط بحكم تجربته الكبيرة من جهة، ولكونه الأفضل بالنسبة للمملكة من جهة ثانية.
وأضاف أن "ترامب هو من سيفوز بغض النظر عن توجهات الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، لأن الأمريكيين سيصوتون لمن يعمل لمصلحتهم، والولايات المتحدة ستختار مسار ترامب".
وبشأن التأثيرات المحتملة لنتيجة الانتخابات على الشرق الأوسط، رأى أن "ما يحدث بالشرق الأوسط سيستمر بغض النظر عن النتيجة، ولن يتغير شيء كثير، والسياسة الخارجية الأمريكية لن تتغير بغض النظر عن الفائز".
ووصف المراكشي علاقة المغرب مع الولايات المتحدة بأنها وطيدة منذ سنوات.
وأردف: "ترامب أفضل للمملكة من هاريس التي ليس لها دراية بمشكل إقليم الصحراء، واقتصاد البلاد، مقابل ترامب الذي يعرف الكثير" وفق تقديره.
** شعارات حقوقية
وتبقى هاريس وترامب، حسب محمد الزعيمي، مقاول، غير مختلفين في توجهاتهما، وليس هناك اختلاف في سياستهما الخارجية.
وتابع الزعيمي للأناضول: "هذه الانتخابات تبقى شكلية أمام الرأي العام، لكون الولايات المتحدة تساهم في العديد من الحروب، وساهمت في قتل السوريين والفلسطينيين".
واعتبر أن "حقوق الإنسان مجرد شعارات بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة.. القوي يأكل الضعيف، وهو ما يساهم في قتل آلاف المواطنين في العالم".
الطالبة حفصة هيلالي، من جهتها، قالت للأناضول إنها لا تعرف توجهات هاريس بخصوص السياسة الخارجية.
واستبعدت أن يتحسن الوضع في غزة بعد الانتخابات لأن "بين إسرائيل وأمريكا روابط كبيرة".
أما عبد الحليم بنزيدان، طالب، فرأى أنه لا أحد من المرشحين الاثنين يخدم مصالح المغرب، وهو "دولة مستقلة".
وزاد بأن "هاريس تقدر على إدارة دولة، ولكن بعض قراراتها قد تكون خاطئة أكثر من ترامب الذي من المتوقع أن يفوز".