التحالفات المبرمة للقضاء على الإخوان المسلمين

08:167/12/2025, Pazar
تحديث: 7/12/2025, Pazar
ياسين اكتاي

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي أمراً تنفيذياً يقضي بدراسة تصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية. وهذا القرار يختف عن قرار حاكم تكساس غريغ أبوت الصادر في 18 نوفمبر، الذي صنف الإخوان أيضا كمنظمة إرهابية، حيث أنه يشير إلى أن السياسة الأمريكية تجاه الإخوان، التي تشهد توترًا منذ فترة طويلة، قد وصلت إلى مرحلة حاسمة. ويكمن اختلاف قرار ترامب في أنه يقتصر على توجيه تعليمات لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت بتقديم تقرير حول ما إذا كانت فروع

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي أمراً تنفيذياً يقضي بدراسة تصنيف فروع جماعة الإخوان المسلمين في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية. وهذا القرار يختف عن قرار حاكم تكساس غريغ أبوت الصادر في 18 نوفمبر، الذي صنف الإخوان أيضا كمنظمة إرهابية، حيث أنه يشير إلى أن السياسة الأمريكية تجاه الإخوان، التي تشهد توترًا منذ فترة طويلة، قد وصلت إلى مرحلة حاسمة.

ويكمن اختلاف قرار ترامب في أنه يقتصر على توجيه تعليمات لوزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الخزانة سكوت بيسنت بتقديم تقرير حول ما إذا كانت فروع الإخوان في لبنان ومصر والأردن ستُصنَّف في الوقت الراهن كمنظمات إرهابية أم لا. ووفقًا لمذكرة المعلومات الصادرة عن البيت الأبيض، فإن المرسوم يطالب الوزيرين بمواصلة إجراءات التصنيف خلال 45 يومًا بعد تقديم التقرير.

وتستند المبررات المقدمة لهذا القرار إلى اتهام الإخوان في هذه الدول بدعم أو تشجيع أعمال العنف الموجهة ضد إسرائيل وشركاء الولايات المتحدة في المنطقة، أو بتقديم دعم مادي لحركة حماس.

وفي الوقت نفسه، فإن التوتر الذي تشهده السياسة الأمريكية تجاه الإخوان يعود إلى الصراع بين المعايير الموضوعية للإدارة الأمريكية وبين الضغوط التي تتعرض لها في علاقاتها الدولية. فالمعايير الموضوعية تشير إلى أن حركة الإخوان المسلمين لا تمتلك أي نشاط مسلح في أي مكان في العالم. ولكن بعض الدول التي تربطها علاقات بالولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، تريد منها تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية.

في الواقع، ليس للإخوان أي نشاط مسلح في هذه الدول أيضاً. أي أن المشكلة الأساسية في معظمها تكمن في غياب الديمقراطية ومحاولة قمع حركات المعارضة بأساليب قمعية بالكامل. ورغم ذلك، لا تزال الإخوان تُعتبر أكبر حركة معارضة محتملة في جميع هذه الدول. إن سعي هذه الأنظمة التي لم تعتد على المعارضة على الإطلاق إلى تشكيل تحالف دولي ضد الإخوان، الذي خنقت أنفاسه في بلدانها، ليس سوى حالة من "جنون الارتياب" لهذه الأنظمة. ويكفي إلقاء نظرة سريعة على التاريخ لترى أن مثل هذا الجنون يؤدي إلى زوالها عاجلا أم آجلا.

ويبدو جليا أن استجابة الولايات المتحدة لهذه المطالب ستجعلها أداةً لجنون الارتياب هذا. بل إن أحد الأسباب الذي جعل واشنطن تتردد حتى الآن في هذا الملف، أو جعل من هذه المطالب مصدراً للتوتر لديها، هو أن وجود جماعة الإخوان لا يقتصر على دولتين أو ثلاث. فالجماعة تمثل اليوم قوة مدنية وسياسية دولية كبرى، تنشط في العديد من البلدان، وإن كانت تحت مسميات مختلفة. وهي في بعض الدول قوة معارضة كامنة، وفي أخرى شريك في الحكم.

إن تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية قد يرسّخ بشكل أكبر التصورات التي تُسقط الإرهاب على الإسلام، فالإخوان يمثّلون أكثر الوجوه اعتدالًا وسلمية وديمقراطية للإسلام. ولم يسبق أن وصل الإخوان إلى السلطة في الدول الإسلامية عبر انقلابات أو ثورات مسلحة. بل على العكس، عندما تتاح لهم فرصة المشاركة في العمليات الديمقراطية، فهم المرشح الأوفر حظاً لتولي الحكم في جميع الدول الإسلامية. وقد تجلى هذا المشهد بوضوح شديد خلال الربيع العربي؛ إذ فازت الأحزاب المرتبطة بالإخوان في الانتخابات التي جرت في كل تلك البلدان خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت الثورات الشعبية.

وفي الحقيقة، كان هذا هو السبب وراء إحباط عمليات الربيع العربي، وتعطيلها أحياناً بانقلابات دموية، بل وحروب أهلية. وفي هذا الوضع، فإن الإخوان حركة كانت ضحية للأنشطة الإرهابية والانقلابات العسكرية وانتهاكات حقوق الإنسان في الأماكن التي تواجدت فيها، وليست فاعلاً لها. إن الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين دمرتا معاييرهما الخاصة برفضهما سحب دعمهما لإسرائيل مرتكبة الإبادة الجماعية، ستفقدان بالتأكيد مكانتهما في نظر الشعوب الإسلامية بسبب هذا الموقف الذي تتبنيانه ضد الإخوان.

لقد تعرّضت الولايات المتحدة لضغوط هائلة من دول الخليج وإسرائيل لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. فبعد السابع من أكتوبر خسرت إسرائيل، التي كانت تتهم الآخرين دوماً بالإرهاب والإبادة الجماعية ومعاداة السامية، مكانتها بشكل كبير أمام العالم، وأصبحت تُرى ككيان إبادي بدائي وقاتل متطرف. ولم يعد لأي اتهام يمكن أن توجهه إسرائيل لأي دولة أو حركة من الآن فصاعدًا أي قوة أو مصداقية. ولا يخفى أن إسرائيل، التي تُعد منظمة إرهابية شديدة الخطورة قد أسست من أجل أهدافها منظمات إرهابية ذات مظهر إسلامي ووجهتها ضد المسلمين، وأنها تعتبر الإخوان أكبر أعدائها. وليس من الصواب الاعتقاد بأن ترامب وقع هذا القرار استجابةً للضغوط الإسرائيلية فحسب، بل يبدو أن تحالف ترامب الجديد في الشرق الأوسط، إلى جانب المطالب القادمة من مصر ودول الخليج، هي التي دفعته لاتخاذ هذه الخطوة المترددة.

وفي الوقت ذاته، يجب أن يشكل هذا القرار تحذيراً آخر لمن يقولون إن حركة الإخوان المسلمين قد انتهت. فلا يزال يُنظر إلى الإخوان على أنهم التهديد الأكبر في جميع البلدان التي يُقال إن الحركة قد انتهت فيها. ولا تزال الإخوان بالنسبة لهذه الدول مصدر كل أشكال "جنون الارتياب" داخل تصوراتها الأمنية، بل إنها تُقيم علاقاتها الدولية بناءً على هذه الحسابات.

وفي الحقيقة، يكشف هذا الأمر عن حجم الضغوط وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها أعضاء الإخوان داخل بلدانهم. فالإخوان يُمنعون من التنفس تقريباً، ولكن رغم ذلك، هل تشير كل هذه الإجراءات إلى أن الحركة قد انتهت أم أنها لا تزال قوة مهمة؟ إذا كانت قد انتهت فعلا، فما الحاجة إلى كل هذه الإجراءات؟


#الإخوان المسلمين
#ترامب
#دول الخليج
#الإرهاب
#حماس
#الاحتلال الإسرائيلي
#الربيع العربي